هل الإدارة الإقليمية مستفيدة من نزاع القبائل بالداخل؟

هل يحتاج كل نزاع لتدخل من الرئيس؟ وماقيمة الإدارة الإقليمية إذا افتقدت روح المبادرة والصرامة المطلوبة؟

تعاني المحاكم الموريتانية منذ فترة من ضغط كبير بفعل الصراعات المتجددة بين القبائل ، وسط غياب تام للإدارة الإقليمية عن المشهد، وتركها للنزاعات العقارية دون حل، مما حول القضاء إلي ساحة حشد كل أسبوع، وشغل الأجهزة الأمنية عن أدوارها التقليدية بفعل الإستنفار الدائم لمواجهة واقع معقد في الريف.

 

وتبدو الأزمة بالغة الخطورة في ولايات الشرق الموريتاني، حيث توجد خمس ملفات مفتوحة، بعضها أدي الصراع المستمر فيه إلي ارتكاب جرائم قتل، وأخري تحسم بقوة الأمن، لتجدد ثانية، وسط حالة ضغط غير مسبوقة علي القضاء والدرك، بينما تتفرج الإدارة الإقليمية علي المشهد المربك دون حل يضمن الأمن، أو مصالحة تنزع فتيل الأزمة أو فرض لهيبة الدولة المنتهكة بفعل غياب ممثليها.

 

ولعل الأخطر هو وجود نزاع في بعض الأماكن منذ قرابة السنتين بالحوض الشرقي دون أن يزوره حاكم أو والي، كما هو الحال في بلدية "أنولل" بمقاطعة النعمه، ووجود صراع في لعصابة تحول من خلاف بين الأشقاء علي مناطق رعي وزراعة إلي هزة اجتماعية خسر فيها المجتمع بعض رموزه بفعل القتل أو السجن (كرو نموذجا)، بعد أن ترددت الإدراة وهي مترددة وغائبة في حسم النزاع، وتركت الفرقاء يحسمون الأمر بالطريقة التي يرتضون.

 

 كما تعيش الولاية أزمة مشابهة (بوفكيرين)، حيث يحاول القضاء احتواء الشجار المتصاعد بين المجموعات القبلية المتنافسة، بينما لايزال الوالي ومساعديه خارج نطاق الأزمة، فلا صلح فرض، ولاحق حسم لأصحابه، تاركين الأمر للقضاء من أجل تأديب المتشاجرين، وانتظار دفعة أخري من المتخاصمين لن تكون منه ببعيد.

 

وفي ولاية "تكانت" كاد شجار حول ملكية أحد الآبار التقليدية يعصف باستقرار الولاية المجاورة (الحوض الغربي) ولعل السخيف في الأمر، والمضحك هو تولي السلطات القضائية في الحوض الغربي  متابعة الملف، بفعل غياب السلطات الإدارية بتكانت عن مجالها الترابي (أزمة حاسي أهل شين بمقاطعة تيشيت)، ورغم ذلك لاتزال الأخيرة عاجزة عن الحسم، والخلاف مستمر، والقضاء مكتف بتوقيع بعض أطراف المشهد أمامه كل أربعاء، في مشهد يعكس عجز الدولة، وضعف نفوذها علي الحيز الجغرافي الذي أقيمت عليه.

 

 غير ان بعض الدوائر العليا بدأت تطرح فرضية أخري .. هل الإدارة الإقليمية مستفيدة من الصراع بين القبائل، لذا تعمل جاهدة لإطالة عمر النزاعات؟ أم أنها عاجزة عن حل الأمور بفعل تعقيدات المشهد وضغوط الساسة؟ أم بعض المناطق – وخصوصا في الشرق الموريتاني- متروك لقاطنيها من أجل حسم النزاع بالطريقة التي يرتضون؟

زهرة شنقيط