شكلت زيارة الرئيس محمد ولد عبد العزيز لقاعدة "لمرية" فى أدغال الصحراء الموريتانية رسالة بالغة الدلالة للداخل والخارج فى الذكرى الخامسة والخمسين لتأسيس الجيش الموريتانى.
فالصور التى تم تسريبها من القاعدة العسكرية – رغم ضعف التغطية الإعلامية للحدث- اظهرت وجود أضخم قاعدة عسكرية فى موريتانيا، بمنطقة صحراوية ظلت إلى وقت قريب مجهولة المعالم من قبل النخب الحاكمة، ومسرحا لعمليات القاعدة وبعض الجماعات النشطة فى تهريب المخدرات فقط.
أسراب من السيارات العابرة للصحارى تتمركز قرب مطار "لمرية" العسكرى فى عمق الصحراء الموريتانية، وطائرات استطلاع عسكرية مكلفة برصد حركة الأشخاص والآليات على الحدود الشرقية والشمالية، وطائرات قتالية محلية رابضة بالمطار من أجل التدخل،ونخبة من الضباط والجنود المرابطين فى أدغال الصحراء الموريتانية من أجل فرض هيبة الدولة وسلطانها، تلك أبرز المعالم التى أراد ولد عبد العزيز أن يوصلها للرأى العام الداخلى والمحلى فى الذكرى الخامسة والخمسين للاستقلال.
يستعرض ولد عبد العزيز بشكل مستمر فى مجالسه العامة والخاصة وضعية القوات المسلحة عشية وصوله للسلطة، ويذكر معارضيه باستمرار بالوضعية التى آل إليها البلد قبل 2008 ، وكيف تمكن المسلحون الجهاديون من قطع رؤوس نخبة من الجيش فى صحراء معزولة عند معبر "تورين" وتمكنوا من الانسحاب دون خسائر تاركين الحسرة والألم، وكيف تعرضت وحدة استطلاع صغيرة لاغتيال بشع قرب ثكنة "الغلاوية" (165 كلم من أطار، وكيف انتظر الجيش 24 ساعة من أجل الحصول على جثث ضحاياه.
وفى السنوات الأخيرة تعرض الرئيس لانتقادات شديدة من قبل معارضيه الذين اتهموه بتوجيه أموال الجيش لوحدة الحرس الرئاسى – محدودة العدد والعدة-، وذهب البعض إلى اتهامه باختلاس أموال الجيش التى منحتها السعودية له، والمقدرة بخمسين مليون دولار.
غير أن الرئيس الذى عزف عن حضور حفل الأركان العامة للجيوش بنواكشوط، قرر الاحتفال مع الضباط والجنود فى صحراء لمرية، واستعراض مستوى الاستثمار الذى قامت به الأركان العامة للجيوش خلال السنوات الأخيرة، منتشيا بواقع القاعدة العسكرية التى باتت رأس الحربة فى مواجهة الإرهاب بمنطقة الساحل، واحدى مراكز التدخل السريع بالمنطقة، بفعل انتشار مئات الجنود التابعين لها فى المناطق الواقعة بين "باسكنو" بالحوض الشرقى، و"بيرم أم أقرين" بتيرس زمور، مع تحويلها إلى مركز للتدريب والامداد الجوى.
لقد بدت رسائل "لمرية" واضحة للداخل والخارج، غير أنها لن تحسم بالضرورة الجدل المتصاعد داخل الساحة بفعل النفوذ المزعج لكبار قادة الجيش، واتهامهم بمصادرة الحياة السياسية خلال العقود الأربعة الأخيرة.