زلزال قضائي بموريتانيا

تتجه أنظار الموريتانيين مطلع الأسبوع القادم إلى نتائج اجتماع المجلس الأعلى للقضاء ،وسط تغييرات شاملة يتوقع أن يجريها المجلس فى مجمل التشكيلات القضائية التابعة له، بعد شهور من التجاذب داخل المؤسسة القضائية، كما أنه الاجتماع الأول الذي يشارك فيه وزير العدل الحالى ابراهيم ولد داداه منذ تكليفه بتسيير القطاع.

 

وتقول المعطيات التى حصلت عليها زهرة شنقيط إن الاجتماع القادم سيكون أهم اجتماع للمجلس منذ فترة، حيث تحضر ملفات بارزة فى مقدمتها العبودية والمخدرات واستغلال النفوذ، والصراع الجهوي على طاولة المجلس المنعقد بقصر الرئيس.

 

ويحاول وزير العدل ابراهيم ولد داداه وكبار معاونيه تسيير الملف بقدر كبير من السرية، لكن ملامح التشكلة بدت متداولة داخل القطاع خلال الساعات الأخيرة، لكن الكلمة فى النهاية تظل للرئيس وحده، وخصوصا فى  المناصب السامية فى القطاع، بينما يتولى الوزير والمدعى العام والمفتش العام للقضاء تسيير بقية الدوائر الجزئية.

 

عاصفة نواذيبو

 

من أبرز الملفات المطروحة أمام الرئيس ملف الدوائر العدلية بمقاطعة نواذيبو، وسط معلومات مؤكدة عن رحيل ثلاثة من أبرز رموز التشكلة القضائية بالولاية، بعد حادثة إطلاق سراح رجل الأعمال الأزوداي قبل فترة، والتى أثارت الكثير من اللغط داخل الساحة القضائية، وأغضبت الرئيس وكبار معاونيه من ضباط الدرك والشرطة، ودفعت الوزير إلى استدعاء عدد من القضاة لمعرفة ملابسات قضية، قالت مجمل الأوساط العدلية إنه كان أحد صناعها.

 

ومن المتوقع أن تطال التغييرات محكمة الاستئناف بالولاية،وغرفة الاتهام فى محكمة الاستئناف، وبعض الدوائر العدلية الأخرى كالنيابة العامة وقضاة التحقيق، محاسبة وترقية للبعض الآخر.

 

عقدة المحاكم القضائية بنواكشوط

 

كما أن المجلس سيجد نفسه مضطرا إلى مراجعة الوضعية الراهنة فى محكمة الاستئناف بنواكشوط، والتى باتت – حسب مصادر وزارة العدل- أبرز عقدة للمحاكم الابتدائية بنواكشوط، فأحكامها ملزمة، وهي عقدة الحل والعقد فى سلك القضاء، وهي محط أنظار الوزراء الجدد، تطلب فيها الكفاءة والتخصص، ولكن الوزراء ينظرون إليها دائما بعين الولاء وعدم التجرد، من أجل احكام السيطرة على القضاء الجالس مع الواقف، رغم الضمانات القانونية التى تمنعه من الخضوع للسلطة التنفيذية أو التأثر بالمحيط الخارجي.

 

ويلجأ بعض الوزراء خلال المجلس إلى التذكير بأهمية التوازن فيها، باعتبارها ممثلة لكل المجتمع، ويحرص آخرون علي تجييرها لصالح الجهة والفئة والزمالة فى بعض الأحيان.

 

وتطرح عدة خيارات الآن أمام المجلس أبرزها : مراجعة الوضعية الحالية فى الغرف ذات التأثير الكبير، من أجل افساح المجال لبعض القضاة الجدد (الشباب)، أصحاب التخصص والخبرة، من أجل تسيير بعض المراكز الحيوية- رغم تجربة القضاة الممسكين بها-، كالغرفة التجارية بمحكمة الاستئناف، والغرفة الإدارية بمحكمة الاستئناف، والغرفة التجارية بالمحكمة العليا،والغرفة الجنائية بالمحكمة العليا.

 

وتبدو المحكمة العليا بعد ملف الصحفى الفرنسى الأخير فى عين العاصفة، وهو حال بعض الدوائر بنواكشوط الشمالية، وتمبدغه، ولبراكنه وأترارزه.

 

بينما تبدو الصورة مرتبكة فى دوائر أخري، يتنازع المجلس فيها أكثر من موقف، حيث تبدو الرغبة فى الإجهاز على القائمين عليها واضحة،لدي دوائر فاعلة فى القطاع وأخرى خارجه، لكن صرامة الممسكين بها ، "وشرعية المنجز" تجعل الكلمة النهائية بيد الرئيس لا الوزير.

 

وأبرز هذه الدوائر هي: المحكمة التجارية،والغرفة المدنية بمحكمة الولاية،والغرفة الجزائية بمحكمة الولاية،ودواوين التحقيق المكلفة بالمالية والجرائم الاقتصادية والإرهاب، وبعض نواب المدعى العام لدى المحكمة العليا، وبعض المحاكم المقاطعية داخل البلد.

 

كما أن التغييرات التى تمت في عهد الوزير سيدى ولد الزين شابها الكثير من الدخن، بفعل الصراع بين الوزير ونادى القضاة من جهة، وغياب الخلفية الفنية لدي الممسكين بزمام الأمور، وهو أمر يدرك البعض أنه قابل للتغيير فى ظل الوزير الحالى ابراهيم ولد داداه، رغم المخاوف لدى النخبة القضائية من تجيير التغييرات المتوقعة لصالح التشكلة المقربة منه، فى ظل العلاقة الشائكة بين المحامين والقضاة، والصراع الجهوي الذي يعصف باستقلالية القرار فى البلد.

 

كما أن المجلس بحاجة الآن إلى تعيين قضاة للبت فى قضايا العبودية، وآخرين للجرائم المالية من أجل ملأ الفراغ القائم حاليا، وتوظيف كل القضاة المنتدبين داخل القطاع الذي ينتمون إليه.

 

خاص / زهرة شنقيط