قالت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية إن الفترة الحالية تشهد احتداما قويا للصراع بين تنظيم الدولة اﻹسلامية المعروف إعلاميا بـ"داعش" وتنظيم القاعدة، مما دفع الجماعات المرتبطة بالقاعدة ﻹعادة تنظيم صفوفها للعودة من جديد، من خلال تكثيف الهجمات على اﻷهداف الغربية، وتوسيع سيطرتها على مزيد من اﻷراضي لتنجيد المقاتلين، وللتخطيط لهجمات جديدة اﻷمر الذي يجعل الغرب هو الخاسر اﻷكبر من ذلك الصراع، بحسب الصحيفة.
وقالت الصحيفة في تقرير نشرته اليوم السبت "إن تحركات القاعدة لا تعكس فقط التهديد العالمي الذي يشكله التنظيم، ولكنها إشارة إلى التنافس الشرس مع غريمتها الدولة اﻹسلامية التي تشن هجمات في مختلف أنحاء العالم تقريبا".
وبحسب محللين تحدثا للصحيفة فإن تلك المنافسة تشعلها الفوضى الدائرة في بعض الدول مثل اليمن وسوريا، حيث تستغل تلك المنظمات الاضطرابات للسيطرة على مساحات واسعة من الأرض لتجنيد السكان أو على الأقل التخطيط لشن هجمات ضد الغرب.
ونقلت الصحيفة عن "تيودور كاراسيك" الخبير اﻷمني قوله:” إنه سباق للدمار.. من الواضح أن المعركة بين المتطرفين تتوسع بشكل كبير"، ومنذ انفصالها عن القاعدة قبل أكثر من عام، تسعى الدولة اﻹسلامية لسرقة قلوب وعقول الشباب للانضمام إليها.
بإعلانها الخلافة العام الماضي بعد الاستيلاء على أراضي واسعة في العراق وسوريا، تسعى داعش ﻹبهار جنودها المحتملين خاصة مع الدعاية الواسعة لعملياتها الوحشية، والتي من بينها إعدام جماعي، وتبنيها ﻹسقاط طائرة ركاب روسية في مصر أكتوبر الماضي.
ونقلت الصحيفة عن فواز جرجس أستاذ سياسات الشرق الأوسط بجامعة لندن قوله:” بعيدا عن الهزيمة، القاعدة وفروعها تحاول الاستجابة لتحدي الدولة الإسلامية بقوة أكبر في محاولة للحفاظ على عناصرها".
وأضاف: إن" الهجوم الذي وقع في 20 نوفمبر الماضي بفندق راديسون بلو في عاصمة مالي باماكو، وتبناه فرع القاعدة في شمال أفريقيا، وجاء بعد أيام من هجمات باريس التي تبنتها الدولة الإسلامية، دليل على هذا التنافس الشرس، خاصة أن الهجوم حصل على إشادة واسعة بين مؤيدي القاعدة".
وتابع :إن" ما قام بها تنظيم القاعدة محاولة ﻹظهار قدرته الخارقة على تنفيذ هجمات مذهلة"، واصفا العملية بأنها ضخت الحياة في عروقة العالمية.
ومثل الدولة اﻹسلامية، اعتمدت القاعدة استراتيجية اﻷستيلاء على اﻷراضي في الدول التي مزقتها الحروب، ففي اليمن سيطر تنظيم القاعدة في شبه جزيرة العرب على أراضي واسعة مستغلا الفوضى التي تعيشها البلد بعد تسعة أشهر من القتال بين المتمردين الشيعة والتحالف بين قيادة السعودية.
وينظر مسئولون أمريكيون لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب على أنه خطر كبير لوجود روابط بينه وبين هجمات خطيرة على أهداف غربية، حيث أكدت الجماعة مسؤوليتها عن الاعتداء الذي شهدته باريس يناير الماضي على مجلة شارل إيبدو وخلف مقتل 12 شخصا.
ونقلت الصحيفة عن آرون زيلين، خبير الجماعات المتشددة في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى قوله: يبدو أن القاعدة تلعب لعبة طويلة، حيث تستخدم نهجا أقل تشدد لمحاولة استقطاب السكان المحليين”.
وأضاف أن "نموذج تنظيم القاعدة دائم، وأعتقد أن الكثير من الناس تقدر ذلك.. والقضية هنا أنه بسبب صعود الدولة الإسلامية، تنظيم القاعدة، يمكن أن ينظر إليه على أنه أكثر قبولا من السكان المحليين وحتى الحكومات بالمقارنة مع داعش".
ورغم سياسة الرحمة التي تتبعها القاعدة مع السكان المحليين، إلا أنها لا تظهرها بنفس القدر لمنافسيها، حيث يقول "سيث جونز" خبير الإرهاب في مؤسسة راند للأبحاث: إنّ القاعدة وحلفائه تكثف من قتلها الانتقامي للمنافسين".
وفي ليبيا، تسيطر الدولة اﻹسلامية على أجزاء كبيرة، وأعلن عناصر من القاعدة الانضمام للتنظيم، وتصاعدت الهجمات المتبادلة بين الطرفين، ونفذت حركة الشباب في الصومال -التي أعلنت الولاء للقاعدة- عملية تطهير واسعة للعناصر الذين يشتبه في انشقاقهم وانضمامهم إلى الدولة الإسلامية.
وشدد جونز : "على أنه رغم الهجمات التي تحدث على المستويين الأيديولوجية والعسكري بين الطرفين.. فلا يمكن أن ينظر لتنظيم القاعدة باعتباره الحصان الرابح، ولكنه أيضا لا يعني الهزيمة".
زهرة شنقيط + وكالات