مظاهر أزمة فى القصر الرئاسي

 

تعيش الساحة السياسية والإعلامية حالة من التوتير غير المسبوق بفعل التصرفات المشينة لبعض مساندي الرئيس محمد ولد عبد العزيز، وكبار الفاعلين فى نظامه مما يشكل صدمة داخل الأغلبية الساحقة من أنصار الرجل الذى حكم البلاد لأكثر من 11 سنة رئيسا أو متحكما فى الرؤساء، وتعزز المخاوف لدى مجمل معارضيه من تحوله إلى "ديكتاتور" ينتقم به أركان حكمه من كل رموز الخير والصلاح داخل الأمة.

حملة شرسة ضد المحاظر فى أهم خزان انتخابى بموريتانيا منح الرجل ثقته الصافية فى كل انتخاب واستفتاء، وأخرى متصاعد ضد الصحفيين دون مبرر، وشتائم وقحة لأهم العلماء برعاية القصر أو بعض أعوانه، وتجويع للعمال عبر اجراءات إدارية ومالية هدفها جلب المزيد من السخط عليه فى عام الرمادة، وارتباك أمنى وتخبط يشبه فى بعض جوانبنه ملامح اللعب بنظام يحتضر من بعض كبار الفاعلين فيه..

 

لقد بدت الصورة أكثر من كاشفة لنوايا البعض – لكن الرئيس لايقرأ أو لايراد له أن يقرأ، لايعلم ولايراد له أن يعلم- ، إنهم يعرونه  من كل القيم التى كانت مصدر فخره خلال خطبه الكثيرة وزياراته المتكررة.

 لقد تحول فى نظر بعض أئمة المساجد وطلاب العلم الشرعى وشيوخ القبائل إلى مستنسخ لتجارب الغير فى الحرب على القرآن وأهله دون معرفة الهدف أو الآمر أو القصد من وراء حرب بهذه الخطورة.. وبات فى نظر الإعلاميين مصدر قلق لكافة الصحف، الموالي منها للرئيس والمعارض له، وبات فى نظر الداخل والخارج عنوان انكشاف أمنى  وعجز فاضح بعد أن كانت أغلب الدول تراهن عليه كرأس حرب فى مواجهة التنظيمات الإسلامية المسلحة بالمنطقة، وتتداول قصصه مع القاعدة ونجاح جيشه فى تحييد البلاد ضمن مناخ يتسم بالعنف والعبث بكل مكونات الدولة.

 

لقد تبخرت كل صور الرجل التى رسمها فى عيون الدهماء، إنهم يغتالونه معنويا كل يوم دون أن يشعر..

 لقد حولوه إلى مصدر تندر فى الشارع، وسط حالة من العجز عن اتخاذ أي يقرار يحفظ له ماء وجهه، حتى لو كان نبض الشارع يطالب به، لا بل حوله فى وقت من الأوقات إلى حقيقة يتداولها الناس داخل المجالس ( .. تغيير شامل فى الأمن .. تعديل وزارى .. مصالحة سياسية .. ) بينما كانت زمرة المحيطين به ترسم النهاية الوشيكة لنظامه، وتمعن فى استفزاز رموز الخير فى المجتمع، إنها المرة الأولي التى يجتمع فيها مستشارو رئيس فى دولة من دول العالم الإسلامى للسخرية من عالم اجمع الناس على علمه، وخبر الملايين زهده وأخلاقه،ليشبهوه بما يدور فى أذهانهم البائسة من منكر القول وزوره...

 

إنها المرة الأولي التى يظهر فيها النظام الموريتانى الحديث وهو ممتن لركاب الدراجات النارية فى "غينا بيساو" على انقاذه من فضيحة ليست ككل الفضائح، إنها المرة الأولى التى يلجأ فيها صناع القرار الإقتصادى إلى طلب السيولة من صحف ظلت إلى وقت قريب نموذج للإفلاس المالي، وإن كان أصحابها قمة فى الأخلاق والشهامة والمروءة..؟

لقد خرج القصر من دائرة الهيبة التى يصنعها الرؤوس إلى ساحة "الجف" تناقش كل صغيرة أو كبيرة فيه داخل مجالس الأنس والطرب بضواحى العاصمة، حتى خصوصية أفراد العائلة باتت عنوان المجالس، بعد أن أحتضن القصر أكثر المنبوذين داخل البلد، وجمع فيه الرئيس سقط الأنظمة المحلية والخارجية ضمن خلطة تشبه فى مرارتها "دموع اليتيم".

 

باختصار..

 

البلد فى أزمة لاتحتاج إلى دليل والرئيس غائب أو مغيب، وبعض المحيطين به طلاب مال وشهرة، زهاد فى الأخلاق والفضائل، فهل يتدارك الأمر قبل فوات الأوان أم يحسم الأمر وأنحي  أمام الخراب؟

 

سيد أحمد ولد باب / كاتب صحفي