رد على مقال "البيظان" ومشكلة الصحراء لصاحبه الدكتور الشيخ المختار ولد حرمة ولد بابانا

طالعنا الدكتور الشيخ المختار ولد حرمة ولد ببانة، قبل أيام، ضمن سلسلة مقالات حول ما يزعم أنه معوقات قيام الدولة الموريتانية، بمقال تحت عنوان "البيظان" ومشكل الصحراء نشره موقع "مراسلون" بتاريخ 10 فبراير 2016. المقال لا ينم عن رغبة كبيرة في تزييف التاريخ فحسب، وانما تطل منه ومن حواليه، أضغاث أحلام والده رحمه الله الذي باع تاريخه للتوسع المغربي منتصف الخمسينات.

 
وبالرغم من اضطراب النسق الفكري، المفاهيمي و"المحاججاتي" للمقال، وبالرغم من ما بدا جليا فيه من تعسف في اقحام موضوع حركة التحرير الوطنية الصحراوية (جبهة البوليساريو) في مدخل المقال، قبل الانتقال الى السباحة، دون هدى، في مسألة الهوية ومكوناتها ومقومات بقاء الدولة الموريتانية، الا أن الانطباع الأكبر الذي يتلامح بوضوح في ذهن القارئ، هو أن الرجل لا يريد دولة للبيظان، لا في الصحراء الغربية ولا في موريتانيا. فالأولى، حسب زعمه الواهم، مغربية ولا وجود لها، والثانية، رغم وجودها، فهي تتهاوى، تتآكل وتنهار تدريجيا ولا ملاذ لها، في النهاية، سوى الارتماء في حضن الملكية المغربية، "الوطن الأم"، حسب الابن الدكتور ووالده الموشح بكل أوسمة "صاحب الجلالة".

يتحامل الدكتور على البوليساريو ويحملها مسؤولية النزاع في الصحراء الغربية. في تحامله، انما يعيد انتاج قصاصات المواقع والوسائط الاعلامية المرتبطة بالمخابرات المغربية من خلال زعمه ان مؤتمر الجبهة الرابع عشر المنعقد ديسمبر الماضي، على أرض جزائرية، لم يأت بجديد. ففيما يتعلق بانعقاده على أرض جزائرية، فهو شرف للجبهة، مثلما كان للفلسطسنيين شرف اعلان دولتهم المستقلة على أرض جزائرية، ومثلما تلقى غالبية قادة التحرر العالمي تدريبهم العسكري على أرض جزائرية، فاستحقت بذلك لقب "مكة الثوار"، كما يقول أميكال كابرال. أما على الأرض المغربية، فأكثر الأحداث ثورية في التاريخ، هو نقل جلسات القمم العربية بالرباط عبر الموساد الى اسرائيل، وفي الحاضر هو تحويل المغرب الى البلد ـ المنتجع، مما جعله يستحق لقب "تايلاند شمال افريقيا"، كما يرى أغلب السياح عربا وعجما. وفيما يتعلق ب "الجديد"، الذي كان يتمناه ولد ببانا ويُمنى به من طرف أحبته في الرباط، فهو أن المؤتمر سيفشل وأن طابورهم الخامس، ومنه الكاتب  بشكل أو بآخر، سينتصر على طوابير الشهداء والمقاتلين والمناضلين والصامدات والأجيال الصاعدة الأكثر حماسا من أبناء الشعب الصحراوي الذين قطعوا على أنفسهم عهد تحرير الصحراء الغربية واستكمال السيادة الوطنية عليها مهما كلف الأمر من تضحيات. نجح المؤتمر الرابع عشر، وهو، بالمناسبة، الأكبر في تاريخ الجبهة من حيث عدد المشاركين والوفود الأجنبية المتضامنة، ومنها، وربما أبرزها، عشرات السياسيين والبرلمانيين والفاعلين الجمعويين ورجالات الصحافة من موريتانيا الشقيقة. وسيفوت الصحراويون، حتما، على ولد ببانا الابن أمنية "الصحراء المغربية"، تماما مثلما فوت الأشقاء الموريتانيون على ولد ببانا الأب لهفة "موريتانيا المغربية".

أما في ما يخص تحميله جبهة البوليساريو مسؤولية النزاع، فهو، والله،  التجني والجنون معا. فالموريتانيون يعرفون جميعا أن البوليساريو أسست صيف سنة 1973 في مدينة الزويرات الحدودية الموريتانية، ومكان التأسيس له رمزيته المزدوجة في التاريخ المشترك والمستقبل الحتمي بين الشعبين. أسست البوليساريو وقادت حرب تحرير وطنية ضد الاستعمار الاسباني حتى أرغمته، بعد ممانعة طويلة في تطبيق لوائح الأمم المتحدة الداعية منذ منتصف الستينات الى تصفية الاستعمار من الاقليم، الى ابلاغ الأمم المتحدة نية الادارة الاستعمارية  تنظيم استفتاء لتقرير المصير خلال النصف الأول من سنة 1975، وهو ما أثار حفيظة المملكة المغربية، المتربصة منذ عقود بكل شعوب المنطقة، معلنة حقوقا تاريخية مزعومة في الاقليم، سرعان ما فندها المجتمع الدولي بقوة الحق والتاريخ والمعطيات على أرض الواقع. فالرأي الاستشاري الصادرعن محكمة العدل الدولية بلاهاي يوم 16 أكتوبر 1975، يقول في فقرة الحكم رقم 162 بأن "العناصروالمعلومات التي توفرت لديها، أي المحكمة،لاتثبت وجود أي روابط سيادة أقليمية بين إقليم الصحراء الغربية، من جهة، والمملكة المغربية والكيان الموريتاني، من جهة أخرى.  ومن هنا، فإن المحكمة لم يثبت لديها وجود روابط قانونية من شأنها أن تعدل من تطبيق القرار 1514  للجمعية العامة للأمم المتحدة بخصوص تصفية الاستعمارمن الصحراء الغربية وتحديداً، تطبيق مبدأ تقريرالمصير بحرية، عبرالتعبير الحروالحقيقي عن  إرادة سكان الإقليم". الأكثر من ذلك أن بعثة تقصي الحقائق التي أوفدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة الى الاقليم للتحقق من آراء ورغبات السكان المحليين في الصحراء الغربية وفي دول الجوار، قد أكدت في خلاصات تقريرها الصادر بتاريخ 12 أكتوبر 1975، الفقرة رقم 420 "أن سكان الصحراء الغربية، أو على الأقل، الأغلبية الساحقة من الأشخاص الذين اجتمعت بهم البعثة عبروا بصورة قاطعة عن رغبتهم في الاستقلال ومعارضتهم للمطالب الاقليمية المغربية والموريتانية... وقد اتضح من خلال تظاهراتهم وتصريحاتهم بأنهم يؤيدون أهداف جبهة البوليساريو الرامية الى استقلال الاقليم".وبالرغم من كل ذلك، ومن نداءات مجلس الأمن الدولي المتكررة في قراراته 377، 379 و380 ـ 1975،  قرر المغرب المضي قدما في مغامرته ليجد الشعب الصحراوي، بقيادة البوليساريو، نفسه في مواجهة حرب توسعية لا تبقي ولا تذر، تصورها الملك الحسن الثاني "جولة أمنية" لمدة أسبوع ليذهب الى لقاء ربه، ربع قرن بعد ذلك، وهو يجتر مرارة الحرب والنزاع.  حرب، يكون عرشه قد نجا بفضلها من السقوط الحتمي بسبب الانقلابات العسكرية المتوالية مطلع السبعينات، وهذا هو بيت القصيد وراء الغزو كله، لكنه، عكس ما يرى "صديقنا الدكتور"، فاحتلال الصحراء الغربية هو ما رهن و"ارتهن" أحلام شعوب المنطقة المغاربية في الوحدة والتكامل والاستقرار. من المسؤول يا ترى عن افتعال النزاع؟ ومن المعتدي ومن المعتدى عليه؟ فقط، المتجنون والمجانين هم من قد يرون عكس ذلك.

وبعدئذ، فان كان ثمة طرف في النزاع منسجما مع ذاته ومع المواقف التي أعلن عنها منذ البداية الى اليوم، فهو جبهة البوليساريو، التي طالبت، ولم تزل تطالب بيوم واحد من الديمقراطية، يتمكن خلاله الصحراويون من تقرير مصيرهم بكل حرية. أما المملكة المغربية، ككل الدول الاستعمارية، مواقفها في حالة تغير وتناقض دائمين تعبيرا عن حالة القلق الوجودي للظالم المفتقد لقوة الحق. والا فكيف يفسر لنا "صديقنا الدكتور"، الذي ورث فيما يبدو عشق الملوك العلويين أبا عن جد، التحولات "الأكروباتية" في مواقف العرش المغربي من المطالبة باستقلال الصحراء الغربية رسميا، الى اجتياحها واعلان الملف "مطويا"، الى فتحه من جديد مع قبوله استفتاء تقرير المصير والتزامه بنتائجه وانتهاء بتراجعه ورفضه للاستفتاء؟ ففي كلمة لمندوب المغرب، "رفيق" والد الدكتور الدي سيدي بابا أمام لجنة ال24 يوم 7 يونيو 1966 بأديس أبابا، أكدت المملكة المغربية أنه "ينبغي اعطاء الاستقلال للصحراء الغربية في أقرب وقت وتمكين شعبها من تسيير نفسه بنفسه بعيدا عن أي تدخل استعاري اجنبي". موقف سرعان ما شدد عليه  وزير الخارجية المغربي، محمد الشرقاوي، أشهرا بعد ذلك، يوم 13 أكتوبر 1966، امام الجمعية العامة للأمم المتحدة، باعلانه أن "المغرب يؤكد دعمه الواضح لاستقلال الصحراء الغربية، وضرورة أن يكون هذا الاستقلال حقيقيا، يتم من خلاله وضع مستقبل الاقليم بين أيدي سكانه الأصليين". نفس التوجه عززه الملك الراحل الحسن الثاني خلال ندوة صحفية بالرباط يوم 30 يوليوز 1970، بتأكيده أنه و "بدلا من التوجه الى المطالبة مباشرة بالصحراء الغربية، فانني سوف اتقدم بطلب واضح لاسبانيا وهو استشارة سكان الاقليم ليقرروا ما اذا كانوا يريدون العيش تحت سلطة المغرب، تحت سلطلتهم المستقلة أو تحت أية سلطة أخرى". سنتان بعد ذلك لم يجد المغرب غضاضة في التحمس والمصادقة على قرار المجلس الوزاري لمنظمة الوحدة الافريقية، المنعقد تحديدا في العاصمة المغربية الرباط، يونيو 1972، والذي طالب "اسبانيا بتوفير شروط الحرية والديمقراطية الكفيلة بتمكين شعب الصحراء الغربية من حقه في تقرير المصير والاستقلال بدون تأخير ووفقا لميثاق الأمم المتحدة". مغرب "صديقنا الدكتور" وقع بالأحرف الأولى على  البيان المشترك المصادق عليه من طرف قمة أكادير، بين المغرب، موريتانيا والجزائر يوم 24 يوليوز 1973، والذي أكد على "التمسك المطلق بحق تقرير مصير شعب الصحراء الغربية، وضرورة تطبيقه بالشروط وفي الظروف الكفيلة بمنح الصحراويين حق الاختيار بحرية وفق ميثاق الأمم المتحدة وقراراتها ذات الصلة".

وبعد ثماني سنوات من الحرب الضروس، توصل الملك الى الخلاصة الغائبة، أو المغيبة ذاتيا، عن ذهن ولد ببانا، من أن لا محيد عن احترام ارادة الشعب الصحراوي، ليعلن في خطابه الشهير أمام الدورة 37 للجمعية العامة للأمم المتحدة، سبتمبر 1983 " ان المغرب يشهدكم أنه يريد الاستفتاء، ومستعد لتنظيمه غدا اذا شئتم، وجاهز لوضع كل التسهيلات أمام انتشار المراقبين الدوليين ووقف اطلاق النار من أجل حصول استشارة شعبية عادلة ونزيهة... المغرب يتعهد أمامكم باحترام اية نتيجة يفضي اليها الاستفتاء". بل ويمضي بعيدا، سنوات بعد ذلك، في تصريحه الصحفي، سبتمبر 1987، على هامش زيارته للعاصمة البريطانية لندن والذي يؤكد فيه أن "المملكة المغربية ستكون أول من يفتح سفارة في العاصمة الصحراوية العيون اذا أفضت نتيجة الاستشارة الشعبية الى استقلال الاقليم".

عشر سنوات بعد ذلك، يطمئن وزير الداخلية المغربي أنذاك ادريس البصري المجتمع الدولي، على هامش التوقيع على اتفاقيات هيوستن بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو تحت اشراف الوسيط الأممي جيمس بيكر، سبتمبر 1997، من خلال تصريحه للصحافة بأنه "في حالة ما يفضي الاستفتاء الى التعبير عن ارادة الاستقلال، فان المغرب سيحترم ذلك القرار، وسيكون أول بلد يربط علاقات حسن جوار مع الصحراء".

بيد أن حليمة، سرعان ما عادت الى عادتها القديمة، ليبدأ الاحتلال المغربي الانقلاب على التزاماته، خاصة مع الملك الجديد، ملهم صديقنا الدكتور، حين يقول أن في خطاب نوفمبر 2014 أن "الصحراء ستبقى مغربية الى أن يرث الله الارض وما عليها"، وهو الملك نفسه الذي كان يتصبب عرقا قبل ذلك بسنة يدق ناقوس الخطر مؤكدا أن موقف المغرب في النزاع يمر بفترات صعبة وحرجة.

كل تلك التصريحات والمواقف الموثقة، ليست سوى غيضا من فيض كبير، يعبر عن افتقاد المغرب لاية قاعدة شرعية أو تاريخية لتبرير مواصلة احتلاله للصحراء الغربية. واذا ما نحن وضعنا احتلال الصحراء الغربية في سياق نظرية "المغرب الكبير" العزيزة على سلالة أهل ببانا، والمآسي المترتبة عنها من خلال اجتياح الحدود الشرقية للجزائر سنة 1963 والامتناع عن الاعتراف باستقلال موريتانيا حتى نهاية الستينات، فان كبح جماح التوسع المغربي، يشكل الضمانة الأولى للتعايش والوحدة والتكامل في منطقة المغرب العربي. الى اليوم، ما زالت أشباح علال الفاسي، داخل المغرب وخارجه، تحوم في المنطقة بكاملها، تنفخ تحت نار التوسع تجاه الجزائر وتجاه موريتانيا، ولعل صديقنا صاحب مقال "البيظان" ومشكل الصحراء، مثالا حيا على ذلك.

نقطة عرضية في معرض المعالجة التعسفية للقضية الصحراوية في المقال، حيث يشير الدكتور، خلسة، الى أن جبهة البوليساريو خسرت الحرب، وهو يعني المواجهة العسكرية. ههنا، لن أجادله حتى لا أدخل دائرة الحمقى، على قول المثل، لكنني أنصحه، عبثا على كل حال، أن يقرأ كتاب الرائد المغربي هشام الطوبجي "ضباط صاحب الجلالة" وكتاب البنتاجون الأمريكي "الحرب والتمرد في الصحراء الغربية". وعلى كل، فحين وضعت الحرب أوزارها، كان "البند أكبر من أساغا" حيث كانت البوليساريو تحتفظ بأكثر من 3000 أسير مغربي، وكانت احصاءات محايدة لعدد القتلى المغاربة تشير الى أكثر من 15 ألف قتيل. أكثر من ذلك، لم يبق الا أن نأخذ بيد صديقنا لندله على السماء.

فيما يتعلق بموضوع موريتانيا وما يزعم صديقنا الدكتور من معوقات لقيام الدولة الموريتانية، فللكعبة رب يحميها، والموريتانيون الوطنيون الغيورون على بلدهم وعلى حتمية سيادته وازدهاره ورقيه أقدر على الرد على المقال، في معالجات عهدناها متسقة، مستنيرة ومرتبطة بأرض وشعب عصي على الاستغلال وعلى الركوع الا لله عز وجل. لكن، وفي هذا المقام، لا أملك الا أن أتعرض لتدليس بل مغالطة، عبر عنها الكاتب، في معرض حديثه عن أزمة مويتانيا مع السنغال سنة 1989، بعدم اشارته، للأمانة التاريخية، الى الموقف الحازم والعلني الذي عبر عنه، أنذاك،  الرئيس الصحراوي محمد عبد العزيز في عزم جبهة البوليساريو ارسال فيالق من مقاتليها للقتال جنبا الى جنب مع أشقائهم الموريتانيين في حالة تعرضهم لعدوان سنغالي. وحسب تقارير استخباراتية ودبلوماسية حينها، فان تصريح الزعيم الصحراوي ساهم بشكل كبير في كبح جماح السنغال.

النقطة الأخطر المتعلقة بموريتانيا، وبعد أن رسم الدكتور لوحة "هتشكوكية" سوداء، تعبر عن ما يتمناه وأسياده في الرباط، عن واقع الدولة الموريتانية، أمعن الرجل في حشد ما يخطر بالبال و مالا يخطر به من نقاط تتعلق بالهوية الموريتانية ومستقبل السلم الاجتماعي في البلد، في معالجة كيدية و "كرظة" ماثلة للعيان، مبتغاها، بالاضافة الى تعزيز الانطباع بفشل الدولة الموريتانية، زرع بذور الفتنة ورسم الحدود الهوياتية واقامة جدران فاصلة على أساس عرقي. الهدف من كل ذلك، كما أشرت في بداية المقال ـ الرد، هو اقناع الموريتانيين بعد، أن انتزعوا استقلالهم والاعتراف بسيادتهم الوطنية بعد الكثير من التضحيات وهم الآن، أكثر من أي وقت مضى، بصدد استكمال أوراش واعدة في التنمية والديمقراطية والعدالة، بأن لامستقبل آمن ومزدهر لهم الا عن طريق "الركوع لغير الله" والدخول في حاضنة "تايلاند شمال افريقيا".

في النهاية، وأنا أقرأ مقال صاحبنا الدكتور الذي يببع فيه روحه للشيطان وأهله للسلطان، تطالعنا الأخبار الواردة من باريس بخبر تدهور صحة المناضل الكبير أحمد بابا مسكة، ووجوده في العناية المركزة في أحد المستشفيات الباريسية، شفاه الله. شتانا ما بين الثرى والثريا. ما بين ثرى "بيع التزيرة" وثريا الشموخ والتواجد في مقدمة صفوف التضحية من أجل تحرر ورفعة الشعبين الصحراوي والموريتاني. رجل من معدن نادر لا يتكرر، خاض النضال الوطني من موقع متقدم من أجل استقلال موريتانيا من الاستعمار الفرنسي وسيادتها ضد جشع المملكة المغربية. وحين اندلعت حرب التحرير في الصحراء الغربية، تولدت لديه القناعة سريعا، أن التواجد في خندق واحد مع الصحراويين، لا يشكل استمرارا طبيعيا لمساره النضالي كموريتاني فحسب، وانما ضمانة حيوية لاستقلال واستقرار ورخاء موريتانيا. لقد حاكى الرجل، ضمن سياق تاريخي مختلف لكن بالنية والمبدأ نفسه، رحلة الأميرالمجاهد سيد أحمد ولد أحمد عيده سنة 1932، وانضم للبوليساريو وما زال مناضلا فيها الى يومنا هذا. اليوم، وفي لوحة رائعة، تمتزج أدعية وصلوات الصحراويين من العيون والداخلة والسمارة ومخيمات اللاجئين والشتات والموريتانيين في انواكشوط وأطار وتمبدغة والعيون وازيرات وروصو له بالشفاء العاجل. يرقد الرجل هنيء البال وقد "شهد ألف زحف ومعركة نضالية من أجل كرامة الشعبين الشقيقين... فلا نامت أعين الجبناء".   

 

 

(*)

بقلم: حفظ الله بشير

عضو اتحاد الكتاب والصحفيين الصحراويين