نذر مجاعة بالداخل واختفاء مثير لبرامج العون الإنسانى

تصاعدت وتيرة المخاوف المحلية من حدوث مجاعة داخل البلاد، بفعل ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانهيار القدرة الشرائية للآلاف من أرباب الأسر، واختفاء أبرز القطاعات الحكومية من حياة الناس.

وتقول مصادر زهرة شنقيط إن أبرز برامج العون الغذائى بموريتانيا تعيش حالة موت سريرى، وإن المفوضية مرتبكة تجاه الوضعية الصعبة للآلاف من سكان الداخل، كما يعيش برنامج أمل أسوء أيامه بفعل عجزه عن توفير المواد الضرورية فى أكثر مناطق البلاد فقرا.

 

وتعيش البرامج التابعة لمفوضية الأمن الغذائي منذ الخامس عشر من دجمبر 2015  وضعية صعبة، فى انتظار فرز نتائج التفتيش الداخلى لمتاجر أمل وبنوك الحبوب التابعة لها، بينما يبيت المئات فى العراء أمام محال تجارية فى نواكشوط الشمالية والجنوبية من أجل الحصول على حصة من توزيع تموله احدى الدول الخليجية بنواكشوط.

 

ويقول المشاركون فى التجمع من مجمل الفئات والأعمار إن الضغط المتزايد على الكميات القليلة الموزعة دفع بالبعض إلى المبيت أمام بوابات المتاجر المخصصة للتوزيع، من أجل أخذ مقاعد متقدمة فى الصفوف، رغم المخاطر الأمنية وموجة البرد التى تمر بها العاصمة وبعض المدن الداخلية.

 

وتستفيد الفئات الهشة من تمويلات تقدمها بعض المشاريع الغربية مثل المشروع اليابانى والمشروع الأمريكى والمشروع الإيطالي، وهى كميات ضخمة من المواد الغذائية يتم بيع أغلبها فى الأسواق المحلية، وتوجيهها إلى مشاريع مدرة للدخل فى مناطق واسعة من البلاد بغية تدارك النقص الحاد فى المواد الغذائية ومساعدة الطبقات الهشة.

 

لكن تعطل المشاريع الموجهة للسدود والآبار التقليدية والتعاونيات النسوية والتوزيع المجانى للمواد الغذائية،حرم الآلاف من سكان القري وآدوابه من مصدر دخل كانوا يحصلون عليه بشكل سنوى مقابل أعمال يدوية يقومون بها فى المناطق الريفية، وشجع البعض للهجرة نحو المدن الكبرى هربا من الجوع الذى يفتك بالسكان.

 

وارتفعت وتيرة المخاوف من حدوث مجاعة فى مناطق مختلفة من البلاد، وخصوصا الشريط الرابط بين" آدرار وإينشيري"، والشريط الرابط بين "ولاته فى الحوض الشرقى وتامشكط فى الحوض الغربى" (شمال طريق الأمل) والمناطق الواقعة بين "أطويل فى الحوض الغربى وجكنى فى الحوض الشرقى"، وسط غياب تام للمنظمات الخيرية أو المشاريع الحكومية وارتفاع مذهل للبطالة فى صفوف الشباب والنساء.

 

وقد ازدادت معدلات الطلاق فى هذه المناطق خلال الأشهر الأخيرة من سنة 2015 بفعل العوز المادى، واغلقت محال تجارية صغيرة كان السكان يعتمدون عليها فى تدبير شؤونهم اليومية فى انتظار حلول للأزمة الغذائية التى تضرب البلد، وقرر بعض الشباب الهجرة للعاصمة نواكشوط طلبا للتوظيف فى الأعمال اليدوية، بينما غادرون آخرون باتجاه " الكوديفوار" و"مالى" بحثا عن ملاذ آمن من الفقر الذى يفتك بأقاربهم داخل حزام الفقر المنسى.

 

وفى بلدية "أنولل" بالحوض الشرقى سجلت حالات سوء تغذية حادة خلال الأسابيع الأولى من 2016، وفى المناطق الريفية الواقعة فى الحوض الغربى يعتمد بعض السكان على الأرز المحلى الخالى من أي ملح أو لحوم أو خضروات، بينما يعتمد آخرون على وجبات محلية تتم صناعتها من ثمار نباتات الخريف وتدعى "آز"، ولكنها باتت قليلة بفعل استنزافها خلال الشهور الثلاثة الماضية من قبل أرباب الأسر.

 

وشكل تراجع مخزون المنطقة من الطيور والأرانب والغزلان ضربة موجعة للبعض، لقد اللحوم الحمراء شبه معدومة بفعل ارتفاع أسعارها وتحول الماشية إلى سلعة تجارية يصعب ذبحها فى المنطقة أو الاستفادة منها بفعل الطلب المتزايد عليها من أثرياء العاصمة نواكشوط وبعض المدن الكبيرة فى غرب البلاد. كما لم تدخل تربية الدجاج فى حياة الناس اليومية، ولاتزال أزمة النقل بين العاصمة نواكشوط وارتفاع أسعاره تمنع من استيراد الدجاج المغربى لحد الآن.