الأهمية الاقتصادية للأقطاب التنموية

تعتبر الأقطاب التنموية أحد اهم المواضيع التي تناولها الباحثون في مجال الأبعاد المكانية للتنمية الاقتصادية، وقد ظهر  مصطلح قطب النمو في الأدب الاقتصادي مع بداية الخمسينيات من القرن الماضي، و شهد هذا المصطلح العديد من النقاشات في البحوث  الاقتصادية، ويمكن أن نعرف القطب التنموي بأنه" عبارة عن شركات أو مجموعات من الشركات أو الصناعات داخل حيز جغرافي محدد".

وقد تناول بيرو نظرية أقطاب النمو حيث تستند هذه النظرية على العلاقة الجدلية بين المكان والنشاط   و يعتقد بأن العلاقات الاقتصادية القائمة بين المؤسسات الإنتاجية ما هي إلا:

الحيز الذي تتم فيه تلك العلاقة، حيز تمارس فيه المؤسسة الإنتاجية علاقاتها مع مصادر تجهيزها بالمستلزمات أو مصادر انتهاء إنتاجها أطلق عليه حيز الخطة.
حيز التجانس الطبوغرافي والاقتصادي.

ويمكن أن نوجز أهمية هذا الموضوع فيما يلي:

ترسيخ وإدماج البعد المكاني في كافة الاستراتيجيات والسياسات والبرامج والمشاريع التنموية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والعمرانية والتكنولوجية.
الحد من حالة اللاتوازن القائمة بين الأقاليم والمحافظات بتحقيق الإنماء العمراني المتوازن و المستدام على المستوى الوطني، الإقليمي والمحلي.
تحديد الأقاليم التخطيطية ومراكز النمو بهدف تعزيز جهود الحد من الفقر وزيادة معدلات التشغيل في المحافظات الأقل نمواً.
تعزيز نهج اللامركزية والإدارة الإقليمية والمحلية وذلك ببناء إدارة حكومية رشيدة تتمتع بكفاءة وفعالية   وخاضعة للمسائلة وتحقيق التكامل والمرونة والشفافية في صياغة وتنفيذ وتقييم الخطط من خلال تعزيز التشاركية.
استيعاب معدلات النمو السكاني الحضري (المديني والريفي) الحالية والمستقبلية.

و في بلادنا يسعى القائمون على الشأن العام إلى ارساء تنمية جهوية في ولاياتنا الداخلية ترتكز على الميزات النسبية لكل ولاية على حدة، وقد اجتمعت أول لجنة وزارية تعني بالاقطاب التنموية في بداية العام الجاري لوضع الخطة المناسبة لتنمية متوازنة تشمل جميع أنحاء الوطن.

وقد بدأ رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز زيارة ميدانية لولاية الحوض الشرقي يوم 3 مايو 2016 م و شكل خطابه اليوم البداية الفعلية لتجسيد مفهوم الأقطاب التنموية على أرض الواقع من خلال اعلانه عن إقامة مجالس جهوية يشرف عليها أشخاص ينحدرون من نفس الولاية وستوفر لهم الدولة كل أسباب النجاح في الخطط التنموية.

فولاية الحوض الشرقي تعتبر واحدة من  أهم ولاياتنا الداخلية و اكبرها كثافة سكانية وقد تم اهمالها في الأنظمة السابقة وحرمانها من التنمية التي تستحقها كمثيلاتها في داخل البلاد، وهو أمر حدى برئيس الجمهورية إلى اطلاق مشاريع كبري، كمشروع مصنع الألبان ومشروع الظهر بالاضافة إلى كثير من الشاريع الخاصة بالبنية التحتية والصحة والتعليم في هذه الولاية لكي تصبح نواة لقطب تنموي كبير، يضم إلى جانبها كلا من الحوض الغربي ولعصابة –حسب رأي الباحث- وذلك بحكم العامل الجغرافي والذي يعتبر أهم العوامل لنجاح القطب التنموي، وكذلك تمتعها بثروات هائلة في مجال التنمية الحيوانية تستطيع ان تم استغلالها بطريقة مثلى أن توفر للبلاد ملايين من الدولارات يتم صرفها سنويا على استراد الألبان ومشتقاتها. كما أن هذا القطاع يساهم بنسبة ضئيلة في معدل نم الناتج الداخلي الخام.   

فالمناخ الذي نعيش اليوم يسمح للكل أن يساهم في مسيرة التنمية والبناء كل حسب موقعه وحدود مسؤوليته.

ويمنكن تعميم هذه التجربة على جميع ولاياتنا الداخلية فولايات النهر تتمتع بموارد كبيرة في المجال الزراعي   اما ولايات الشمال فتتمتع بموارد كبيرة في المجال المنجمي أما  الولايات المطلة على المحيط فالثروة السمكية تعتبر ميزة مطلقة تجعلها تصلح لأن تكون قطبا تنمويا يمتص البطالة ويساهم في التنمية، فموريتانيا قوية بشعبها ومزدهرة بقادتها وغنية بخيراتها ومواردها ومحصنة بوحدتها. 

عاشت موريتانيا

الباحث في الشؤون الاقتصادية عبد الله محمد المختار

abdallahibedda@yahoo.fr