لقد شكل خطاب الثالث من مايو 2016 الذي أدلى به رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز أمام الآلاف من سكان الولاية نقطة تحول في التعاطي مع الشأن العام و تشاركَ مختلف المحاور التي تتدخل فيها الدولة مع المواطن البسيط في نهج تشاركي تواصلي لم يسبق له مثيل.
وهكذا وقف فخامة رئيس الجمهورية ببساطة أسلوبه المعهود وصدقه المشهود ما يقارب ساعة من الزمن في يوم مشمس تظلله النوايا الصادقة في النهوض بهذا البلد و آمال غد مشرق ، مع مواطنيه مستعرضا أهم محاور تدخل حكومة المهندس يحي ولد حدامين ومُثبتا بالأرقام و الحجج والمؤشرات الكيفية وبشكل مبسط الوضع الراهن للبلد سواء تعلق الأمر بالبعد الاقتصادي و السياسي و الاجتماعي.
وسأتجاوز البعدين الأول و الثاني للمتخصصين فيهما أكثر مني و سأحاول التركيز على البعد الاجتماعي لنقاش مضمونه تعميما للفائدة و شكرا مستحقا لفخامته لكون تصريحاته تشكل دافعا قويا للمهتمين بالشأن الاجتماعي و أقوى مناصرة للباحثين و الساعين من اجل تعزيز لحمة و تماسك المجتمع الذي تتهدده مخاطر التفكك الأسري وتهدده مطامع البعض في انحلال النسيج المجتمعي وبوادر و آثار الأزمات الاقتصادية و الاجتماعية العالمية و حتى الإقليمية.
وسأحاول أن أقتصر في حديثي حاليا على ثلاثة نقاط أساسية:
أولا الزواج و الطلاق الفوضويين
أعتقد انه حينما يتحدث رأس النظام عن خطورة الزواج الفوضوي و الطلاق الفوضوي على تماسك المجتمع و انسجامه فهي إشارة كافية لاستشعار الخطر القادم و حجم المسؤولية الملاقاة على عواتق مختلف الفاعلين في الحقل الاجتماعي لدق ناقوس الخطر و القيام بالحملات التحسيسية اللازمة لتوعية الأهالي بأهمية الاستقرار الأسري والحفاظ على تماسك الأسرة بوصفها اللبنة الأساسية للمجتمع- وأقول على الفاعلين في الحقل الاجتماعي مناصرة هذا الطرح و الترويج له و الاستفادة منه – لأنهم وحدهم هم المعنيون به و بتقييمه – بخلاف السياسيين الذين دأبوا على الاستغلال السيئ و تحميل الخطاب ما لا يحمل من قيم العنصرية البغيضة التي يبدو للأسف أن البعض امتلأ منها حتى فاضت منه رائحتها و انعكست على تحليلاته وآراءه مستغلا المناخ الغير مسبوق لحرية التعبير.
وهنا لا أريد أن أتجاوز هذه النقطة قبل الإشارة الى أن هذا الوعي ينسجم تماما مع الخطة الثلاثية للحكومة التي برمجت تحديث و مراجعة مدونة الأحوال الشخصية كما جاء على لسان المهندس يحي ولد حدمين غداة إعلانه للسياسة العامة للحكومة أمام البرلمان.
ثانيا : مراعاة تناغم إنفاق الأسرة مع دخلها
من نافل القول التأكيد على ضرورة مراعاة أي إنفاق تقوم به الأسرة على مستوى دخلها سواء تعلق ذلك الإنفاق بأي وجه من أوجهه ومعلوم كذلك أن عدم الوقوف أمام هذه الجزئية يعرض الأسرة الى الاستدانة آو إهمال الواجبات و ليس في هذه النقطة ما يدعو الى تحديد النسل من غيره ، بل المقصود من الخطاب الذي كنا احد شهوده و طلبت من الشهادة على ذلك من طرف صاحب الخطاب فخامة رئيس الجمهورية هو كثرة الزيجات و فوضويتها التي بطبيعة الحال سينجم عنها أطفال سيجدون أنفسهم ضحية نزوات عابرة عادة ما تتم في السر وبعيدا عن الرقيب الشرعي وحتى الرقيب الاجتماعي.
ثالثا : خطورة انتشار المخدرات في الوسط المدرسي
ولعل هذه هي النقطة الوحيدة التي سلمت من التحريف لكنها لم تجد ما يلزم من التوظيف الصائب وعلى المعنيين كل من مكانه ان يقوم بالواجب لإيقاف هذا البلاء المبرم الذي يتهدد ناشئتنا وفلذات أكبادنا ، اللهم إلا إذا كان البعض لديه مانع.
وخلاصة القول أن خطاب رئيس الجمهورية في مدينة النعمة كان خطابا جامعا لاهتمامات المواطن مفندا بالأرقام و الحجج دعاوى البعض بضعف و عجز الدولة مُعترفا بمكامن الخلل في المنظومة الاجتماعية للأمة داعيا في نفس الوقت الى تكاتف الجهود لمواجهتها، فهل في هذا ما يغضب ذي عقل سليم و طرح قويم؟؟