في مثل هذا اليوم من عام 1973 انطلق الكفاح المسلح في الصحراء الغربية ضد المستعمر الاسباني على يد مجموعة قليلة العدد من ابطال الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب رحم الله من استشهد منهم ومد في أعمار الأحياء , وفي ذلك الوقت كانت ظروف اقليمية ودولية وحتى داخلية صعبة جدا تتميز باحكام النظام الاسباني الفرانكوي سيطرته على الاقليم وهو المعروف بالديكتاتورية والقمع الرهيب والخارج لتوه من عملية اجرامية مارس خلالها ابشع انواع التعذيب والقمع من اجل وأد انتفاضة الزملة التي جرت في 17 يونيو 1970 حيث اعتقل قيادات حركة تحرير الصحراء الغربية التي نظمتها بقيادة الزعيم بصيري الذي مازال مصيره في رقبة النظام الاسباني .
ان رجال 20 ماي كانوا على يقين بجسامة المسؤولية ولكنهم كانوا على ثقة كبيرة بعظمة الشعب الصحراوي وقدرته على تحدي كل الصعاب وفعلا كان رهانهم في محله حيث بدأت أفواج المناضلين تلتحق بصفوف الجبهة بسرعة كبيرة مما جعل اسبانيا وهي التي عايشت الشعب الصحراوي قرابة قرن من الزمن تدرك انه لم يعد لها مكان ولكنها كاستعمار دنيء بدأت تناور من اجل بيع ما تبقى لها من مكاسب فكانت اتفاقية مدريد المشئومة على الشعب الصحراوي الذي نهض مرة اخرى من اجل مواصلة الكفاح فاعلن الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية يوم 27 فبراير 1976 في بئر لحلو بعد خروج آخر جندي اسباني من الصحراء الغربية , اذا كان الشعب الصحراوي وهو المعروف انه ظل دائما سيدا على ارضه متميزا عن اخوته وجيرانه مستعدا للتضحية من اجل وطنه يدير نفسه بطرقه الخاصة التقليدية ككل الشعوب فان ثورته الحديثة قد نقلته نقلة نوعية في كل المجالات فقد الغت الى الابد القبلية والعبودية والمحسوبية فاصبح المواطنون سواسية كما حاربت الجهل والتخلف الذي كان منتشرا حينها حيث ترك المستعمر شعبا جاهلا الحاصلين على شهادة البكالوريا حينها في الصحراء الغربية اي من المدارس الاسبانية لا يصلون عدد اصابع اليد الواحدة ولم تكن بالصحراء الغربية حينها ثانوية واحدة فما بالك بجامعة , لقد كانت التحديات التي تنتظر رجال 20 ماي كبيرة جدا ومن أكبرها الجهل والعقليات البائدة التي تعيق انصهار الجماهير في الوضع الجديد الصعب المتمثل في اللجوء وشح الموارد ومحاربة الغزو بالإضافة الى المتطلبات التقليدية للبشر من صحة وتعليم وغيرها , كما كان النقص الحاد في الأطر المسيرة والموجهة التي تتميز بالتجربة ايضا معوق آخر وبكلمة واحدة فان الظروف التي عمل فيها رجال 20 ماي كانت مستحيلة , صحيح ان الشعب الصحراوي شعب عظيم يمتاز عبر التاريخ بقيم مفيدة جدا للمشروع الثوري الذي هو بصدده من تلك القيم الشجاعة والإقدام والإيثار والأنفة والتضحية وهذا ما يدركه جيدا الشهيد الولي مصطفى السيد رحمه الله حيث يقول :( الثورة في الساقية الحمراء اعلنت اعتمادا على اشياء غير موجودة ولكنها حتمية الوقوع )
ان الطموح والعزم و القوة والعنفوان الذي ميز رجال 20 ماي هو ما نقل الشعب الصحراوي من ظروف السبعينيات الصعبة الى دولة قوية في المنطقة وقوة عسكرية وسياسية لها حضورها اقليميا ودوليا فالجمهورية الصحراوية عضو مؤسس للاتحاد الإفريقي تتجاور سفاراتها مع سفارات المغرب في عواصم دول العالم الثالث الوازنة من جنوب افريقيا وكينيا والجزائر وفنزويلا والبرازيل وانكولا ونيجريا وغيرها كما صوتت برلمانات السويد والدانمارك واسكتلاندا من اجل اعتراف دولها بالدولة الصحراوية.
اما في الامم المتحدة فان الموقف الصحراوي مثمن وهذه الهيئة تسعى من اجل فرض حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وهي الآن في مواجهة مع المغرب الذي ادانه بشدة الأمين العام السيد بان كيمون في تقريره الاخير شهر ابريل الماضي كما ان مجلس الامن فرض عليه إرجاع المكون السياسي للبعثة الأممية لللاستفتاء في الصحراء الغربية في ظرف اقصاه ثلاثة تشهر وهو حاليا في مأزق مع الامم المتحدة .
ان ثورة 20 ماي المجيدة المباركة تستحق وهي تطفئ شمعتها الثالثة والاربعين تحية تقدير واجلال وهي التي اطرت وحافظت على وحدة الشعب الصحراوي وجنبته بكثير من الحكمة والتبصر مخاطر الانزلاق الخطيرة عليه وعلى المنطقة ككل رحم الله رحمة واسعة من استشهد من رجالها ومتع بالصحة و العافية من مازال ينتظر وما بدل تبديلا .
يحي احمـــدو