تركة الرجل المريض تشعل الحرب بين الإسلاميين والعلمانيين فى المغرب (*)

تصاعدت وتيرة الأزمة السياسية القائمة بين رئيس الحكومة المغربىة عبد الإله بن كيران (واجه التيار الإسلامي المعتدل) ورجل القصر الساعى للعودة إلى الواجهة على الهمة خلال الأسابيع الأخيرة، وسط مساعى رسمية لوضع حد لهيمنة الإسلاميين على مقاليد الحكم فى المملكة قبل رحيل الملك المريض.

ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية المقررة فى السابع من أكتوبر 2016 دخل الرجلان فى مواجهة بالغة التعقيد، أسلحتها نقاء الصورة فى الشارع والعمل من أجل كسب قلوب الجمهور مقابل المال والكولسة والاستعانة برموز المخزن من كبار الضباط الممسكين بقادة الأجهزة الأمنية، وبقايا الأحزاب المهددة بالانقراض والخروج من مسار  اللعبة السياسية بفعل تراجع شعبيتها فى الشارع المغربى خلال السنوات الأخيرة.

 

وشكل خروج الملك محمد السادس من العملية السياسية بفعل الإقامة الدائمة فى الخارج والمرض الذي ألم به خلال الفترة الأخيرة وتخليه تدريجيا عن الحكم من خلال تشكيل مجلس وصاية على نجله البالغ من العمر 15 سنة، أكبر مشعل لنار الخلافات الداخلية، فمستشاروه يحاولون كسب رهان العملية السياسية قبل رحيله واحكام القبضة على الملك الصغير، وهو مايحتاج إلى ابعاد التيار الإسلامي (العدالة والتنمية) من الحكم فى حياته للتفرغ لإدارة العملية السياسية فى المستقبل دون هزات قد تعرض استقرار المملكة الهش لمخاطر عانت منها دول أخرى فى الإقليم، بينما يسعى الإسلاميون إلى تجذير مكانتهم السياسية داخل الدولة المغربية، مستفيدين من دعم شعبى متصاعد، مع استغلال النصوص القانونية التى تم تمريرها فى الفترة الأخيرة ( مجلس الوصاية) من أجل احكام القبضة على الحكومة والقصر.

المؤرخ المغربى البارز" معطي منجب" كشف عن الواقع السياسى الهش بالمملكة المغربية قائلا إن السلطة الآن بيد الثلاثي القابع فى القصر " الهمة" والماجدي" و"الحموشي"، بينما كان المفترض أن تكون بيد الذين انتخبهم الشعب وفوضهم إدارة شؤون البلاد، معتبرا منتقدى "بنكيران" بأنهم جبناء يختارون الهجوم على الضعيف بدل الممسك بزمام الأمور والمسؤول عن معاناة الناس.

 

واعتبر "معطى منجب" المتابع من قبل الأجهزة الأمنية على أساس الجهر بآرائه إن الوزير الأول الحالى عبد الإله بنكيران  يمثل " الكبرياء الشعبى" الذى تحاول الأطراف الأخرى المساس به، بينما يمثل الهمة "قفاز السلطة".

وزير النقل المغربى وعضو الأمانة التنفيذية لحزب العدالة والتنمية الحاكم حاول التخفيف من تصريحات "منجب" لأخبار الوطن واصفا إياه بمفكر الفتنة الذى يدق الإسفين بين الدولة وحزبه، لكن مجمل التصريحات الأخرى أقرت وصف "معطي منجب" باعتباره كشف الحالة السياسية الهشة للملكة المغربية فى الوقت الراهن. كما أنها أثارت ضجة داخل الحزب الحاكم الذى ينظر أغلب أعضائه إلي الهمة كشر لابد من مواجهته بشكل صريح، وخطر يتهدد الحزب ومصالحه والديمقراطية المغربية بأكملها.

 

جدل سياسى يكشف عمق الأزمة بين فرقاء الساحة بالمغرب، وسط مخاوف لدى النخبة من انزلاق البلاد نحو العنف فى ظل الخلاف العميق بين رموز السياسة فيها، وتعاظم التحديات الأمنية الناجمة عن احتلالها للمناطق الصحراوية وانتشار شبكات الجريمة، وتحولها إلى معبر للإرهابيين نحو أوربا خلال الفترة الأخيرة، وتصاعد مطالب الأمازيغ الرامية للحرية والاستقلال وانهاء عقود الغبن والتهميش.

 

(*) مجلس الوصاية المعلن فى الرباط يمكنه فى حالة شغور منصب الملك محمد السادس إدارة البلد لمدة خمس سنوات حيث يتم حله بشكل تلقائي بعد بلوغ الملك الصغير 20 سنة.