شكل اختيار حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم لوزير الإسكان السابق وعضو المكتب التنفيذى سيدي ولد الزين رسالة بالغة الدلالة للأطراف المعنية بنزاع الصحراء، ونقطة تحول فى العلاقة بين الجبهة المناضلة من أجل تحرير الصحراء والحكومة الموريتانية الغاضبة من سلوك الحليف السابق بالمملكة.
ورغم أن رسالة الانزعاج كانت واضحة جدا خلال الفترة الأخيرة، إلا أن الحزب الحاكم اختار أن يرسل ثلاث رسائل دفعة واحدة للملكة المغربية فى الوقت الراهن :
(1) أن العلاقة التى تربط الحكومة الموريتانية والجبهة هى علاقة تنبع من استقلالية قرار الأولى ومكانة الثانية لدى صناع القرار فى موريتانيا، ولا تراجع عنها مهما كانت الضجة الإعلامية والاستهداف الصريح للبلد، وهو التصعيد الذي بلغ ذروته بعد مشاركة وزير الشؤون الإسلامية أحمد ولد أهل داوود فى تشييع جنازة الرئيس الصحراوى الراحل محمد ولد عبد العزيز.
(2) أن لاحاضنة اجتماعية للمغرب بموريتانيا، ولامتروك لها، فكل أطياف المجتمع مقتنعة بصواب العلاقة وماضية فى ترسيخها وتدرك أن الحق الصحراوى فى تقرير المصير حق مكفول بالقوانين الدولية ومصلحة تبدو الحاجة إليها قائمة فى مجتمعات تخوض بالفتن ومنطقة مشتعلة بالكامل، بل إن وشائج القربى والدم بين الصحراويين وبعض الأطراف المحلية أقوى من مهاترات الساسة والولاء المفروض بقرارات رسمية ومصالح مؤقتة ستزول مع زوال أصحابها.
(3) أن الرئيس الصحراوى القادم ابراهيم غالى يحظى بمكانة كبيرة لدى الحكومة الموريتانية مثل رفيقه الراحل محمد ولد عبد العزيز، لذا لزم الرفع من مستوى التمثيل وإعطاء إشارة قوية للحليف الصحراوى عن استمرار العلاقة واحتضان الجبهة ، دون التفريط في العلاقة بالمغرب إن اختارت المغرب ذلك ، رغم أن كل الإشارات الواردة من الشمال تفيد بعكسه.
وبغض النظر عن عمق التحول الجارى فى العلاقة بين الحكومة الموريتانية والصحراء ، إلا الملف المحسوم لحد الساعة هو أن الرباط بسلوكها المستفز لنواكشوط تدفع صناع القرار فيها إلى اتخاذ خطوات أكثر رديكالية فى الملف الصحراوى، وأن لغة الابتزاز الأخيرة كانت نتائجها عكسية بالفعل على العلاقة بين البلدين، بغض النظر عن التداعيات المحتملة لمثل هذه القرارات.