بأبوابها المهشمة، ونوافذها المفقودة، وفصولها المتناثرة بين جبال لعيون، وجرسها الضارب فى القدم، لاتزال ثانوية لعيون بولاية الحوض الغربي تتحدى عقود الإهمال والنسيان، وغياب أي خطط حكومية لترميم أبرز ثانويات البلد.
فصول من الحجارة وأخرى من الأسمنت شاهدة على عمق التحول المعرفى الذي قادته مدينة لعيون عشية استقلال البلاد عن الاستعمار الفرنسى، ومكانة الثانوية التى خرجت المئات من الأطر من المدنيين والعسكريين، الذين آلت إليهم أمور البلد خلال العقود الأخيرة.
فصول بلا نوافذ، طلاب بلا مقاعد، ومكاتب بلا تجهيز، ومكتبة بلا كتب، وتلاميذ دجنتهم ظروف الحياة الصعبة، بعد أن ظلت أيام دجمبر الأولى من كل عام شاهدة على حراك وحيوية الطلبة بالثانوية الأبرز بالشرق الموريتاني، وأساتذة يعانون الأمرين من أجل المحافظة على إرث سلبته عقود الإهمال وجهه الناضر، وحولت رواده من خيرة الطلبة داخل البلد إلى جزء من قطيع تتقاذفه هموم التعليم، وتعصف به أيادي الزمن.
لايوجد بثانوية لعيون اليوم أي مركز للتكوين، والنوادي بها معطلة، وحراك أساتذتها نحو العاصمة فى ازدياد، وخطط الترميم معطلة منذ عقود، ومجمل الموارد الموجهة للتسيير غير كافية لتوفير جو تربوى لثانوية بهذا الحجم الكبير.
خرجت الثانوية العديد من الوزراء وكبار الضباط والفاعلين فى الحقل السياسى، لكنها لم تكافئ بزيارة واحدة، ولم يمول فيها مشروع بحثى واحد، ولم تجد نوافذها المهشمة من يتبرع لها، وأسلمها الجميع للإهمال والنسيان، وقطاع تتداوله أيدي المفسدين والمقصرين.
لم تحظ الثانوية بزيارة أي رئيس، ولم يزرها أي وزير أول، ولم يشفع لها تاريخها الطويل لدى الممسكين بمشاريع التهذيب داخل البلد، ممن بيضوا مليارات الأوقية فى مشاريع وهمية، قال الرئيس الموريتانى محمد ولد عبد العزيز فى حديث عابر إنها أوكار فساد وتبييض للأموال فقط.
ورغم كل ذلك، لاتزال الثانوية بجدرانها الجميلة، وأسقفها الشاهدة على ضراوة المواجهة بين الطلبة ورجال الأمن تقاوم الزمن، وتروى للأجيال اللاحقة قصة منبع علم منح الكثير لسكان البلد، وقوبل بالكثير من التجاهل والنسيان.