نجاح الحوار حماية للمكتسبات الوطنية

لم تترسخ فكرة الحوار في الدولة الوطنية بعد ، سواء على الصعيد النظري او العملي فهي تحتاج الى جهد كبير على صعيد الدولة والحكم ( السلطة والمعارضة ) ، إضافة الى مؤسسات المجتمع المدني على حد سواء ، نظرا لغياب ثقافة الحوار وضعف الهياكل والمؤسسات الناظمة للاجتماع السياسي الحكومي و غير الحكومي ، بما فيه فكرة الدولة الوطنية ( المدنية ) وسياقاتها.

وإذا كان بالإمكان اعتبار فكرة الدولة كأعظم منجز بشري لا سيما في إطار النظام الاجتماعي لحماية أرواح وممتلكات المواطنين ، وحفظ الأمن والنظام العام ، فإن فكرة الحوار ارتبطت بالدولة الحديثة ، وكذلك يجب أن تستند على قاعدة المواطنة وتعزز مبادئ المساواة والحرية في إطار النظام الاجتماعي الوطني ، والإتلاف والانسجام من جهة ، والتنوع والتعددية من جهة أخرى ،وذلك من خلال الوحدة التي يجسدها الدين الإسلامي والمذهب المالكي والعقيدة الاشعرية وليست بالانقسام والتشظي و التمييز ، ولذا علينا الابتعاد عن عرقلة الحوار ، سواء أغلبية أو معارضة ، فالحوار مصلحة للجميع ، كما انه ثقافة العصر له أدبيات يتفق عليها الجمهور ، كالتركيز على صلب الموضوع ، وهو حماية الوطن من الأعداء في الداخل والخارج ،صون اللحمة الوطنية ، والاحترام المتبادل بين جميع الأطراف والابتعاد عن السخرية والتهكم ، وقبول النقد والتعامل معه بإيجابية ،  وصولا الى الأهم وهو تطوير النظام السياسي الوطني ، وتقوية دور المعارضة الوطنية ، فهي مشتته ومنقسمة على نفسها بين منتدى الوحدة والديمقراطية ممثلا للمعارضة الراديكالية ، و تكتل القوى الديمقراطية من جهة ، والمعاهدة التي تمثل جانب الاعتدال المشاركة في حوار 2011 من جهة أخرى ، دون أن ننسي مؤسسة المعارضة الديمقراطية ، ونرى ان السلطة تتعامل مع هذه الأطراف بنفس الدرجة و الأسلوب ، ولكن ثمة من يرفض التواصل والحوار إلا بشروطه وأجندته ، متناسين ضرورة المرونة والابتعاد عن الجمود .
وبصفتي ناشط سياسي وجمعوي ، أقدم للنخبة الساسية مجموعة اقتراحات أراها ضرورية :
1 – استحداث هيئة وطنية مستقلة ، لتنظيم ورقابة الحوار الوطني تتكون من علماء وفقها وأساتذة جامعيين ، ومجتمع مدني ، هذه الهيئة تقرب وجهات النظر بين الأطراف .
2 – إجراء انتخابات نيابية ومحلية سابقة لأوانها يشارك فيها الجميع ، تشرف عليها لجنة مستقلة للانتخابات ، مغايرة للجنة السابقة المثيرة للجدل .
3 – فتح حوار اجتماعي لتقوية الصلات بين أفراد المجتمع ، يكون هدفه المصالحة مع الذات ، وبناء الإنسان الموريتاني ، وتقوية روح المواطنة والدفاع عن الوطن.
3 – الإسراع في الإعداد والمصادقة على النصوص المتعلقة بالمجالس الجهوية ، التي ينتظر منها أن تكون رافعة للديمقراطية ، والتنمية المحلية ، وخدمة المواطن .
5 – المراجعة الدستورية وخاصة ما يتعلق بإلغاء غرفة مجلس الشيوخ .
6 – إنشاء محكمة دستورية بدل المجلس الدستوري .
7 – الاعتماد على الكفاءات الوطنية التكنوقراطية  .
إن الحوار الوطني الشامل والمثمر هو صمام أمان ، و المحافظ على المكتسبات الوطنية ، التي  تحققت في السنوات الأخيرة ، في كافة الميادين ، من مدارس ومعاهد ، وإنشاء جامعات لتكون منهلا للعلم ، وصرحا لبناء الفكر ، وإعداد أجيال مثقفة واعية ، إضافة الى المستشفيات العامة والمتخصصة ومراكز الرعاية الصحية ، وشق الطرق المعبدة ، وتحديث الموانئ والمطارات ، ومل مطار أم التونسي الدولي إلا خير دليل على ذلك ، كما أقيمت المصانع ليتم الإنتاج محليا ، وبخبرات فنية راقية ، دون أن نقفل النهضة الزراعية التي سهدها البلد في السنوات الأخيرة ، وشهدت البلاد في السنوات الأخيرة نهضة علمية وأدبية وفنية ورياضية ، تبشر بمستقبل واعد ،فأصبحت بذلك كلمة موريتانيا مسموعة في المحافل الدولية ، وغدت ذات دور بارز في المشاركة في حل القضايا والمشاكل في الوطن العربي وإفريقيا ، وتولى رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز رئاسة الاتحاد الإفريقي ، ونجح في استضافة القمة العربية _قمة الأمل  _ ، إن كل هذه المنجزات لا يمكن الحفاظ عليها ، إلا في جو من الديمقراطية والتعددية والحوار ،كما أن الوطن يحتاج الى سواعد كل أبناءه ، سواء أغلبية ومعارضة ، لان دولة المواطنة لا مكان فيها للإلغاء أو التهميش أو الإقصاء ، فكل حسب جهده وكفاءته وخدمته للوطن ، مستخلصين في ذلك العبرة من الدول التي جانبت طريق الحوار ودخلت في منزلقات خطيرة ، كان نتيجتها خسارة الجميع سلطة ومعارضة .

بقلم : عبد الله ولد لبشير