آوكار .. وفرة المراعي وندرة المياه وانتشار الأمراض

يواجه أكثر من 15 ألف شخص بمنطقة "آوكار" بالحوض الغربي وضعية صحية قلقة بفعل ندرة المياه، وملوحة المتوفر منها، وعجز السكان عن توفير شبكات مياه في المناطق ذات المياه الباردة، وتخلي الحكومة عن جزء كبير من  سكان الريف.

 

عند المدخل الجنوبي لقرية "الإغاثة" يرابط " لكله ولد أحمادو" في انتظار شق الحجارة المستعصية داخل بئره الذي بات حديث السكان في المنطقة، بفعل المياه الأولي المستخرجة منه والتي تشكل نشازا في المنطقة بالكامل.

 

400 لتر يوما هي الكمية المستخرجة الآن من البئر، كمية قليلة لكنها كافية لتعويض شيوخ المنطقة وصغارها عن المياه المالحة التي تنثرها آبار المنطقة شمالا وجنوبا. فقد بات "حاسي لكله" محط أنظار المحيطين به من سكان التجمعات القروية المنكوبة بمياه أوكار المالحة.

 

يقول سيداتي ولد سيد أحمد وهو أحد المنمين المقيمين بالمنطقة، إن منع الحكومة لاستعمال المتفجرات (الشديد)،ونقلها حال دون شق أهم بئر في المنطقة الواقعة بين مركز البلدية (أم الحياظ)، وأبرز التجمعات السكنية في أوكار (بنت أشويدين) شمالا، و(أحماله) شرقا، وإن الحالة الصحية الصعبة لعدد من شيوخ المنطقة باتت أكبر ضاغط علي القاطنين بتلك القري المنكوبة، وسط مقاومة قوية للظروف الضاغطة من أجل الهجرة وترك الريف.

 

لاينتظر القائمون علي البئر أي مساعدة من الحكومة، أو شبكة مياه بديلة، فالعقود الخمسة الماضية علمتهم أن الدولة خصم حقيقي لسكان الريف والمتشبثين به، وأن غاية الربح هو العيش دون ابتزاز الإداريين، أواستغلال السياسيين، أوتغريم عناصر الأمن الذين باتت أفواجهم كل خريف مصدر إزعاج للساكنة كلما انتجعت باتجاه الجنوب.

 

انتشار مخيف للأمراض

 

غير بعيد من قرية "الإغاثة" تتناثر القري داخل الشريط المحاذي "لأنتفار الغامس"، وسط انعدام كلي للمياه الباردة، وارتفاع شديد لنسبة الملوحة في المستعمل منها، مما تسبب في ظهور أمراض كثيرة أخفها الضغط، مع تسجيل حالات من الإسهال بين الأطفال والنساء،خصوصا في فصل الصيف.

 

يلجأ " سيد أمحمد ولد زيدان" وبعض إخوانه إلي خلط اللبن بالماء عند كل شربة من أجل تخفيف وطأة الملوحة المسجلة،غير عابئين بالأضرار الصحية للماء الذي يشربونه منذ أكثر من خمس سنين.

 

وتبدو الحالة أكثر إزعاجا عند "حاسي بادي" الذي قرر سكانه نهائيا الكف عن شرب المياه المستخرجة من البئر، وتركها للماشية بعد أن فشلوا في التعامل معها، رغم لجوء البعض إلي محاولات شبيهة لما يقوم به ولد زيدان وأقاربه، بفعل المراعي المغرية وبعد المياه الباردة من مكان الإقامة المؤقت حاليا.

 

عند المركز الصحي الوحيد بالبلدية تبدو النتيجة أكثر من واضحة، فقد سيطر ارتفاع الضغط علي معظم الحالات المراجعة للطبيب المشغول بتخفيف معاناة زواره رغم نقص الوسائل، وضعف المعدات، وتقادم البناية التي يتخذ منها مقرا لإدارة أبرز نقطة صحية في "أوكار" عموما.

 

يتحدث السكان عن انتشار كبير لأمراض غير معروفة في المنطقة مثل "الجلطة"، والشلل النصفي، وأمراض الغدة الدرقية،ويعاني أغلب الشيوخ من دوران شديد ناجم عن ارتفاع الضغط وخصوصا في الصيف والخريف.

 

كما يعاني العديد من الأطفال والنساء من سوء التغذية، وتضخم الطحال،مع ارتفاع نسبة عدد المصابين بالأمراض الجلدية في تلك المناطق، وخصوصا الوافدين من تجمعات نائية مثل "بوبريكه"، و"أوطفن".

 

تضم منطقة أوكار عدة مناطق معروفة بمياهها الجوفية العذبة، لكن صعوبة الحفر فيها، وتعقيدات الترخيص من قبل الإدارة، وضعف الوعي الصحي لدي القاطنين فيه، حولت المنطقة إلي جحيم رغم وفرة المراعي والماشية، وجمال الطبيعة الصحراوية.

 

ويشكو السكان إهمال الحكومة لأكبر خزان انتخابي بالحوض الغربي، وأكثر المجالس المحلية احتضانا للثروة الحيوانية، وأقلها استفادة من خدمات الدولة الموريتانية منذ إعلان استقلالها عن فرنسا 1960.

 

وفي العاصمة نواكشوط تنشغل اللجان الحكومية المكلفة بالمياه وحماية الثروة باجتماعات روتينية، هدفها الأول تمرير بعض المشاريع للقري والتجمعات التي ينتمي إليها أعضاء الحكومة أو بعض الوجهاء السياسيين.

 

 

 

خاص – زهرة شنقيط