موريتانيا من دون صحف لأول مرة .. هل أزفت لحظة المراجعة؟

تتجه الأنظار مساء اليوم الثلاثاء 27-9-2016 إلى المطبعة الوطنية، بعد إعلان كبريات الصحف بالبلد عن احتجابها عن الصدور يوم غد الأربعاء للفت الانتباه إلى الواقع المزري للصحافة الخاصة بموريتانيا.

أسبوع بلا صحافة مكتوبة منذ بداية المسلسل الديمقراطي بموريتانيا 1992 هو القرار الذى ارتأت هيئة الناشرين (كبرى الهيئات الفاعلة فى الإعلام المكتوب) أنه الأنسب لمواجهة تداعيات التعميم غير القانونى الذى عطلت بموجبه المفتشية العامة للدولة موارد أقرها البرلمان والحكومة لصالح الإعلام المستقل داخل البلد، فى تقويض صريح للمقاولات الصحفية بموريتانيا، وتعطيل واضح لميزانية الدولة التى أقرتها الجهات التشريعية مطلع يناير 2016 من طرف لجنة حكومية تابعة للوزارة الأولى يتم تعيين أفرادها بمرسوم غير معلن فى الغالب (المفتشية العامة للدولة).

 

المؤسسات الصحفية سارعت إلى توضيح خلفية القرار ، رافضة ربطه بالتجاذبات السياسية داخل الحكومة أو خارجها، بينما سعت مؤسسات إعلامية حديثة النشأة إلى التظاهر أمام الوزارة الوصية رفضا لما أسمته هيمنة الكبار على المشهد الإعلامي فى البلد، ودفعا باتجاه مزيد من القرارات المهمة لصالح تنقية الحقل الإعلامي وتحييده عن التجاذبات السياسية داخل.

 

الحكومة الموريتانية رفضت التهم الموجهة إليها بشأن تجفيف منابع الدعم الموجه للصحافة، وقالت إن القرار أتخذ من أجل وضع ضوابط واضحة لعقلنة تسيير موارد الدولة من جهة، ولتمييز المستفيدين من دعم الصحافة من جهة ثانية، ودفعت بقانون الإشهار إلى الواجهة من خلال مراجعة سريعة للقانون الذي ظل خارج التداول منذ التعبير عن الحاجة إليه قبل أشهر.

 

وتقول الحكومة الموريتانية إن 6 مليارات أوقية يتم توجيهها سنويا للإعلام، لكن المستفيدين منها قلة بفعل آليات الصرف المعمول بها، واستغلالها من طرف بعض المؤسسات كمبرر للتلاعب بالأموال العمومية، وتحول بعض الفاعلين فى الحقل إلي وسطاء يأخذون النصيب الأكبر، ويوزعون فتات الدعم على باقي الصحف والمواقع الإخبارية دون ضوابط واضحة.

 

وبغض النظر عن شرعية الجدل القائم بين الحكومة والنقابات الصحفية من جهة ومدي تأثير الخطوة على الصورة الخارجية للبلد، فإن المقاولات الصحفية بحاجة إلى استمرار الدعم الحكومى من أجل البقاء والاستمرار، وهى بحاجة كذلك إلى آليات منصفة لتوزيع الدعم بدل تدويره بين مجموعة من الكبار المتحالفين داخل أكثر من نقابة، تدعم لحظة الاستفادة وتعارض الإجراءات الحكومية فور شعورها بأخطار تهدد مصالحها الذاتية الضيقة.