زعيم جديد للإسلاميين بموريتانيا

وجه حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية  (تواصل) رسالة تهدئة بالغة الدلالة لرئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز في بداية مأموريته الثانية، وأخري عميقة للمعارضة المناوئة للرئيس.

 

المكتب السياسي للحزب المعارض قرر في أول اجتماع له منذ إعادة انتخاب الرئيس محمد ولد عبد العزيز الكشف عن مرشحه لزعامة المعارضة الموريتانية عمدة عرفات الحسن ولد محمد، معطيا أربعة رسائل لكافة الأطراف الداخلية والخارجية عن توجهه، ورؤيته للأمور الداخلية بامتياز:

 

أولي الرسائل كانت موجهة للداخل الحزبي من خلال تسمية الحسن ولد محمد خلفا للرئيس محمد جميل ولد منصور الذي اعترض عليه المجلس الدستوري بحجة انتفاء أحد شروط الزعامة وهو الانتخاب، مما يعني أن أغلبية القوي الفاعلة داخل الحزب تري في الحسن ولد محمد البديل القادم لولد منصور أو الرجل الذي يستطيع جمع الكلمة داخل تشكلة سياسية تعتمد الإسلام مرجعية لها، ويمتاز أغلب الفاعلين فيها برؤية حركية أيام العمل السري،من خلال محاولات سابقة لتأسيس جماعة إسلامية بموريتانيا، تعتمد فكر الإخوان المسلمين.

 

ويعتبر الحسن ولد محمد أحد قادة الحزب الذين ساهموا في التأسيس، وشاركوا في تحمل المسؤولية من خلال توليه مقاليد العمدة في بلدية عرفات، وقبوله العودة إليها رغم التكلفة المالية الصعبة، والضغط اليومي الذي عاشه بفعل سلب الصلاحيات من قبل الحكومة الحالية، والتركيز السياسي علي المقاطعة باعتبارها أكبر تحدي للأنظمة بموريتانيا منذ بداية الانفتاح الديمقراطي سنة 1991.

 

وكما خلف ولد محمد جميل ولد منصور في إدارة البلدية، وانتخب خليفة له في الترشح للزعامة السياسية، يرجح أن يكون الخليفة الفعلي للرجل في قيادة الحزب وتدبير أمور الإسلاميين بعد ثلاث سنوات فقط.

 

أما الرسالة الثانية: فهي موجهة للرئيس الحاكم وكبار الفاعلين في الساحة السياسية، وتبدو أكثر وضوحا.

 

فالزعيم الجديد للمعارضة السياسية هو زعيم مختلف، هادئ الطبع، يعمل بإصرار للوصول نحو الهدف الذي يريد،دون كثير عناء أو مشاكسة، مقبول داخل الإخوان، مرن في التعامل مع الناس من خارج التيار الذي ينتمي إليه.

 

ويشكل اختيار ولد محمد رسالة أخري مفادها أن الزعامة استحقاق انتخابي يمارسها الآن – إن أقره المجلس الدستوري- بحكم تزكية حزبه، وليس هبة شخصية أو مكانة اجتماعية، أو تصور فكري ينفي المعروف مما تواضع عليه الناس، ويعمل صاحبه خارج النصوص الناظمة للعمل المؤسسي.

 

وتبدو الرسالة في شقها الآخر واضحة للسلطة وهي أن التيار الإسلامي غير معني بالتصعيد حاليا، وأنه متشبث بنتائج العملية السياسية التي أفرزتها انتخابات يونيو 2014، وأنه يحترم المجلس الدستوري الذي أبعد رئيس حزبه من زعامة المعارضة، ومن البديهي أن يحترم قرار المجلس الدستوري الآخر الذي نصب ولد عبد العزيز رئيسا للبلاد لمأمورية ثانية رغم مقاطعة الحزب لها، ورفض بعض الأحزاب لها باعتبارها غير توافقية.

 

وسيكون ولد عبد العزيز – إن رغب- أمام زعيم جديد للمعارضة ملزم باحترام النصوص القانونية والعلاقة الضابطة له مع الرئاسة بغض النظر عن الموقف الشخصي، فتصور ولد محمد عن الرئيس شأن شخصي، واحترامه للنصوص والتعامل الدستوري المنصوص عليه حق للحزب والجماعة التي رشحته للمنضب.

 

أما الرسالة الثالثة : فهي للقوي السياسية ومفادها أن حزب تواصل حزب مؤسسات، للرئيس فيه المكانة المحفوظة في النصوص الداخلية للحزب، مع تميز يفرضه الشخص بأدائه المقنع أو نضاله المعين علي التقدم،لكنه في النهاية ككل المناضلين يقود ويقاد، وسيكون ولد منصور في هذه الحالة تبعا للزعيم الجديد بحكم اختيار تشكلته للمعارضة، مع أن الزعيم المعارض ذاته محكوم بنصوص قانونية أكثر وضوحا ضمن دوره المعروف سلفا في المكتب السياسي للحزب، دون خلط أو تضارب، ضمن ثنائية يتقنها الإسلاميون,

 

أما الرسالة الرابعة والأهم لرفاق المعارضة ولزعماء الأغلبية عموما، فهي أن مرحلة تقديس الأشخاص يجب أن تزول، وأن التشكيلات السياسية بالبرامج لا الأشخاص، فكلما كانت الرؤية واضحة سهل التعامل مع أي تحدي سواء انتدب الرئيس أو المرؤوس أو المتعاطف مع الفكرة لتنفيذ المهمة المحددة من قبل الجهاز الإداري للحزب.