مثل خطاب رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز في الثالث مايو الجاري حصيلة للانجازات التي حققتها البلاد خلال السنون السبع الماضية، سواء من حيث استعراضه للوضعية الاقتصادية المريحة التي تعيشها البلاد او تطرقه برؤية استشرافية للحلول التي ينبغي ان تقديمها لمشكل الفقر والتحديات المرتبطة بالامن والجريمة المنظمة وشيوع استعمال والاتجار بالمخدرات خصوصا في صفوف النش ء، الذي اذا صلح بات قاعدة لاغنى عنها لتأمين المستقبل وارساء قواعد تنمية منسجمة واذا فسد لا قدر الله قاد الى مهاوي التهلكة وتفشي الجريمة وانهيار القيم والانجرار الى مهاوي الرذيلة والتشرذم والفشل الذريع.
لقد جاء خطاب الرئيس جامعا مانعا، حين تناول مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والامنية، مبرزا التشبث الذي لا يتزعزع بالحوار السياسي الجامع بلا سقف اوشروط مسبقة اواستعجال لحصيلة في ممهدات سخيفة لا تبقي ولاتذر دون ان يغفل تكريس الحريات الفردية والجماعية وحرية الصحافة وارساء قواعد اللامركزية واهمية تقريب الادارة من المواطن وخلق اقطاب تنموية تشخص واقع الخدمات وتقدم حلولا عن قرب للمشاكل المعاشة.
ولم تثن حرارة الشمس الحارقة فخامة رئيس الجمهورية عن التعبير ببساطة أسلوبه المعهود السلس وصراحته التي لا يختلف اثنان عليها لمواطنيه في ولاية الحوض الشرقي الذين جاؤوا بكثافة منقطعة النظير، مستعرضا أهم محاور تدخل حكومة المهندس يحي ولد حدامين ومثبتا بالأرقام و الحجج والمؤشرات الكيفية وبشكل مبسط الوضع الراهن للبلد سواء تعلق الأمر بالبعد الاقتصادي و السياسي و الاجتماعي وغيره. ولدى تطرقه للوضع الاقتصادي ابرز رئيس الجمهورية النجاحات التي حققتها موريتانيا في مجال الاقتصاد الكلي وما حققته في توسيع للحظوظ في فرص التنمية في مختلف ارجاء البلاد عبر تشييد الطرق والمصانع وتوفير خدمات الماء والكهرباء والتعليم والصحة.
ولم يغفل رئيس الجمهورية لدى تطرقه للجانب السياسي الدور الفعال لحزب الاتحاد من اجل الجمهورية ومناضليه بقيادة رئيس الحزب الاستاذ سيدي محمد ولد محم الذين حلوا ضيوفا على اتحادية الحوض الشرقي عشرة أيام متتالية تخللتها نشاطات تعبوية وتحسيسية، وميدانية عبر المساهمة في التخفيف من معاناة السكان في الولاية، تحضيرا لهذه الزيارة الميمونة.
وادان رئيس الجمهورية بشدة ودون مواربة او مجاملة مخلفات الاسترقاق ، مؤكدا أن الدولة التزمت دونما رجعة بمعالجة جميع أبعاد هذه الإشكالية و بالطريقة الأنسب من خلال سن القوانين و إنشاء المحاكم المتخصصة و التهذيب و الصحة و محاربة الفقر...إلخ، فيما مثل انضمام موريتانيا لمختلف الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان وحضورها الدولي في المؤتمرات ذات الصلة، ارادتها في التغلب على مخلفات الاسترقاق والفقر والتهميش وشكل الاعلان لاول مرة بمرسوم رئاسي عن انشاء آلية لمحاربة التعذيب ابرز دليل على ذلك، فلم يبق للمشككين ومصاصي دماء هذه الطبقة الاصيلة من المجتمع الموريتاني والمتاجرين بقضاياها سوى السباحة في المياه العكرة وركوب سفينة الوهم والتضليل .
أعتقد انه حينما يتحدث رئيس الجمهورية عن خطورة الزواج و الطلاق الفوضويين على تماسك المجتمع و انسجامه فهي إشارة كافية لاستشعار الخطر وادراك حجم المسؤولية الملقاة على عواتق مختلف الفاعلين في الحقل الاجتماعي لدق ناقوس الخطر و القيام بالحملات التحسيسية اللازمة لتوعية الأهالي بأهمية الاستقرار الأسري والحفاظ على تماسك الأسرة بوصفها اللبنة الأساسية للمجتمع.
وادعو هنا جميع الفاعلين الاجتماعيين الى مناصرة هذا الطرح، و الترويج له و الاستفادة منه بخلاف بعض السياسيين الذين دأبوا على الاستغلال السيئ و تحميل الخطاب ما لا يحتمل من قيم العنصرية البغيضة التي يبدو للأسف أن البعض امتلأ منها حتى فاضت منه رائحتها و انعكست على تحليلاته وآرائه مستغلا المناخ الغير مسبوق لحرية التعبير لتمرير افتراءاته واكاذيبه التي لا يصدقها من كان له قلب او القى السمع وهو شهيد.
وحذر رئيس الجمهورية في خطابه من انتشار المخدرات وتهديدها اليومي لاغلى شي ء في المجتمع وهو فلذات اكبادنا الذين ينبغي تحصينهم في وجه هذه المخاطر ودفعهم الى سوح الدرس والاعتناء بتنشئتهم وتربيتهم التربية السليمة، مشيدا بجهود قوات الامن في التصدي لهذه الظاهرة وبعيونهم الساهرة لمصادرة كلما غفلت عنه عيون الاخرين في الخارج، كيلا يشكل تهديدا على بلادنا ومستقبلها. ان ما يؤسفني في هذا السياق هو تورط حزب تواصل الذي لم يكتف باستغلال الدين لاغراض سياسية واحتكار اغلى شيء علينا جميعا، بل دلف هذا الحزب راكبا كعادته موجة التشهيروالتلفيق ، ويقودني ذلك لأؤكد مشاطرتي الاستاذ عبد الله ولد احمدامو على التعجيل بحل هذا الحزب قبل فوات الاوان باعتباره يشكل خطرا على تماسك وانسجام المجتمع وسلمه الاهلي.
محمد فال ولد يوسف الناشط السياسي والحقوقي.