بعد أسبوعين من النقاش الداخلى، والاتصالات المستمرة داخل العاصمة وخارجها، نجح أعضاء مجلس الشيوخ المغاضبين منذ فترة الخروج بموقف موحد من الحوار الحالى ومخرجاته، فى محاولة لإرباك خطط الرئيس الرامية إلى إلغاء المجلس وتمرير إصلاحات دستورية قبل نهاية العام الجارى.
تصرفات غير مفاجئة لعدد من صناع القرار فى البلد، بحكم مقاطعة الشيوخ التامة لجلسات الحوار، وسحب الأعضاء الذين حضروا أول أيامه، من أجل ممارسة المزيد من الضغط على الرئيس والحزب الحاكم والحكومة.
يبالغ عضو مجلس الشيوخ المعارض محمد ولد غده حين يف القرار بأنه سقوط لهاجس الخوف وصنم الديكتاتورية داخل المجلس – رغم أنه أحد كتاب البيان المذكور-، لكنه من دون ك موقف يعزز جبهة الرفض القائمة، ويمنح الساحة قدرا من الإرباك قبل اختتام الحوار من قبل الرئيس، والكشف عن أجندة الرجل خلال الأسابيع القادمة.
امتعاض عبر عنه الشيوخ قبل أشهر، محملين رئيس الحزب الحاكم سيدي محمد ولد محم والوزير الأول يحى ولد حدمين مسؤولية القرار الذى أتخذه الرئيس بشأن المجلس، ومنتقدين بعض أعضاء الحكومة الذين تم إرسالهم من قبل الحزب فى مهرجانات سياسية متزامنة حاول من خلالها أبرز أحزاب الأغلبية إبراز مكانته داخل الساحة، وتبنى الخطاب الذى ألقاه الرئيس فى مدينة النعمة يومي الثالث من مايو 2016 وشرح أبرز النقاط الغامضة فيه.
لكن الثورة التى قادها رئيس المجلس وكبار معاونيه، انتهت إلى استسلام مؤقت، بعد تدخل الرئيس عبر مدير ديوانه طالبا من الجميع الحضور وتمرير المشاريع الحكومية المقدمة للمجلس، والكف عن عرقلة عمل الحكومة.
وكانت أجواء رمضان فرصة لكسر القطيعة بين الرئيس وأعضاء المجلس على طولة الفطور، لكن الخلاف لم يحسم فى ظل إصرار الرئيس وكبار معاونيه على تمرير المقترح، باعتباره أهم التزام قطعه الرجل فى مهرجان الثالث من مايو، والتراجع عنه سيعتبر ضعفا للرئيس والحكومة ، وانتصارا لقوى أخرى قللت من أهمية وعود الرئيس وخطاباته المتكررة.
أجواء سبتمبر 2016 حملت الكثير من غيوم العلاقة بين العاصمة نواكشوط والرباط، وحملت الكثير من أسفار علية القوم، بحثا عن الاستجمام والاستشفاء والعلاج، وقد أثمرت الأجواء عن ورقة تعديل شاملة للدستور، يعتبرها الرئيس وأنصاره مهمة لاستقرار النظام السياسى وشكل الدولة فى المرحلة القادمة، لكنها أنضجت أيضا مواقفة مناهضة لأحلام الرئيس خلال مأموريته الثانية وربما الأخيرة، وهو ما كشف عنه بيان الشيوخ الأخير، وسط غموض بشأن الخيارات البديلة لكل طرف، وآليات التنفيذ المتاحة فى ظل تمترس كل طرف بالصلاحيات الدستورية الممنوحة له، والتفسير الذى تمليه ضبابية النصوص واختلاف فقهاء القانون الدستورى بين مساند ومعارض.
زهرة شنقيط
20-10-2016