الليلة انتصرت موريتانيا وظهر الرئيس محمد ولد عبد العزيز بروح وطنية عالية ، عندما أعلن احترامه الصريح للمواد المحصنة في الدستور وفي طليعتها التأكيد على مسألة المأمورية الرئاسية التي أثارت من الجدل ما أثارته في الساحة السياسية وخاصة في المعارضة قبل الولاة
في الحقيقة الرئيس ألقى خطابا تاريخيا في مرحلة حاسمة ، تقف فيها موريتانيا على مفترق الطرق ، فإما مسار واضح نحو المستقبل بترسيخ الديموقراطية والتناوب السلمي على السلطة ، وإما الارتكاس في مهاوي الفتن والاضطرابات التي عانت منها بعض الدول في المنطقة.
إنه خطاب تاريخي بامتياز رسم الدهشة على وجوه الموالين في القاعة قبل المعارضين خارجها ، وأظهر للرأي العام الدولي قبل الوطني. أن مصلحة موريتانيا فوق كل اعتبار وأن الديموقراطية منجز ينبغي أن يكون لصالح الجميع وليس لصالح الأشخاص أو الفئات.
فهنيئا لموريتانيا أولا وهنيئا لفخامة رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز على هذا الخطاب التاريخي ، والذي سيزيد الثقة دون شك في مسارنا الديموقراطي وآفاقه المستقبلية.
أعجبتني في الرجل قوة الثقة في النفس والصراحة والصدق الواقعي ، حتى عندما قال إنه ألغى الدستور بانقلابات عسكرية في البلاد ، وهو ما لا يجرؤ على قوله حتى أقرب المدافعين عنه.
الآن وضع ولد عبد العزيز موريتانيا على مسار آمن وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ، فالرجل القوي لن يترشح لمأمورية ثالثة ،وسيكون رئيساً منصرفا في نهاية مأموريته الحالية ، في بلد قل فيه المنصرفون عن كرسي الحكم إلا بالتي والتي يا على الطبقة السياسية الوطنية أن تتوجه الآن إلى كلمة سواء بينها من أجل موريتانيا وموريتانيا فقط ، وأن نحترم جميعا للرئيس المنصرف احترامه للدستور في أهم مواده ألمحصنة ،واحترامه أيضاً لشعبه الذي خاطبه بلهجة شعبية واضحة وشجاعة ، أظنها كانت مقصودة ومدبرة حتى لا يتسرب مضمون ما كان سيفاجئ به الرأي العام في خطاب مكتوب على الورق.
لم أكن يوما كإعلامي وكاتب متواضع من شيعة الرئيس ومناصريه السياسيين لأغراض معينة ، ولا أريد الآن والرجل يعلن على الملأ اختيار رحيله بشكل ديموقراطي ، لا أريد من خلال الإعجاب بخطابه التاريخي اليوم ، إلا أن أعبر عن مفاجأة عميقة بالنسبة لي ، فقد كنت شخصيا غير مهتم بالحوار لا بمخرجاته ولا "مخروجاته" بلغة بعض حوارييه ، ما دام سيقود في نهاية المطاف إلى تكريس بقاء الزعيم الواحد وعبادة الفرد القاعد، فمعذرة سيدي الرئيس لقد ظلمناك عندما اعتقدنا شبه جازمين ، أنك تحب المنصب الكبير أكثر مما تحب موريتانيا الكبيرة ، موريتانيا الشهداء موريتانيا أرض الرجال.